للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويستبطن الوادي ولا يقف عندها) بل إذا رماها انصرف، قال بعض العلماء: لأن المكان ضيق، فلو وقف لحصل منه تضييق على الناس وتعب في نفسه. وقيل: لا يدعو؛ لأن الدعاء إنما يكون في بطن العبادة، وليس بعد العبادة، ولذلك دعا بعد الأولى ودعا بعد الوسطى، وهذه انتهى بها الرمي فلا يدعو؛ لأن الدعاء التابع للعبادة يكون في جوفها ولا يكون بعدها، والله أعلم، والذي نعلل به دون أن يعترض معترض أن نقول: هكذا فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (٢٠)، وحينئذ لا أحد يستطيع أن يعترض.

والعلل التي لم يُنص عليها قد تكون خفية وقد تكون ظاهرة، والخفي لا ينبغي للإنسان أن يتمحل له؛ لأنه إذا كانت العلة خفية وتمحل لها الإنسان فما أيسر أن تُنقض.

يقول: (ولا يقف عندها، يفعل هذا في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال) يفعل هذا؛ أي: الرمي، على هذا الوجه في كل يوم من أيام التشريق، وأيام التشريق ثلاثة بعد العيد، وسميت أيام التشريق؛ لأن الناس يشرقون فيها اللحم؛ أي: ينشرونه إذا طلعت الشمس، فتشرق عليه الشمس وييبس ولا يعفن، فلهذا سميت أيام التشريق.

وقيل: إنها تسمى أيام التشريح أيضا؛ لأن الناس يشرحون فيها اللحم، المهم أنها ( ... ).

طالب: ( ... ).

الشيخ: تمام، بارك الله فيك، يفعل هذا بعد الزوال، أي بعد زوال الشمس وجوبًا، ولا يجزئه قبل الزوال، فلو رمى قبل الزوال فهو كما لو صلى الظهر قبل الزوال؛ لأن الله تبارك وتعالى حد حدودًا فلا يجوز أن نعتديها، وتحديد الرمي بالزوال ظاهر من فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يترقب الزوال.

فمن حين أن تزول الشمس يرمي قبل أن يصلي الظهر، مما يدل على أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال؛ لأنه لو جاز الرمي قبل الزوال لقدمه حتى من أجل أن يصلي الظهر في أول وقتها، كالذي ينتظر بفارغ الصبر أن تزول الشمس حتى يرمي ثم يصلي الظهر، علم أنه لا يجوز قبل الزوال، هذا وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>