للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول رحمه الله: (ويدعو طويلًا) يعني: يدعو دعاء طويلًا، وبماذا يدعو؟ بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، ويكون رافعًا يديه مستقبل القبلة (ثم الوسطى مثلها ثم جمرة العقبة) يرمي الوسطى مثلها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة وظاهر كلام المؤلف أنه يجعلها عن يساره ولكن الذين قالوا بأنه يرمي الجمرات عن جنب، يقول: يجعل هذه عن يمينه، والصحيح أن يقال في هذه مثل ما قيل في الأولى أنه يجعلها بين يديه، مستقبل القبلة ما لم يكن الزحام شديدًا فيرمي من الجهة التي تيسرت.

يقول: (ثم الوسطى مثلها)، وبعد أن يرمي الوسطى يتأخر قليلًا؛ يعني: يتقدم بحيث لا يصيبه الحصى ولا يتأذى بالزحام، فيقف فيدعو الله تعالى دعاء طويلًا حسب ما يتيسر، ثم يرمي جمرة العقبة، ويجعلها عن يمينه، كما سبق في رميها يوم العيد، يجعلها عن يمينه، وتكون الكعبة أمامه.

لكنه سبق أن هذا ليس بصواب، وأن الصواب أن يجعلها تلقاء وجهه، وأن يجعل منى عن يمينه، والكعبة عن يساره، هكذا وقف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (١٩)، وهذا هو المناسب؛ لأنه في ذلك الوقت كانت الجمرة على أسفل الجبل جمرة العقبة والوادي من تحت، وإذا جعلها تلقاء وجهه صارت منى عن يمينه والكعبة عن يساره، وهذه نقول فيها ما قلنا في الجمرتين السابقتين، إذا قدرنا أن هذه الجهة فيها زحام شديد وأنك لو أتيتها من جهة القبلة صار أخف فاتبع الأخف والأيسر؛ لئلا تتأذى وتؤذي.

قال: (ويستبطن الوادي) يعني يأتيها من بطن الوادي، ولا يأتيها من فوق الجبل؛ لأن رميها من فوق الجبل فيه صعوبة؛ لأنه سيقف على حافة الجبل وتكون الجمرة تحته، وفيه صعوبة، ثم إنه لا يخشى أن يسقط، فيحصل بذلك ضرر أو تلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>