وقوله رحمه الله:(ولم يكن سعى مع طواف القدوم) يفيد أن تقديم سعي الحج في القارن والمفرد لا يكون إلا إذا وقع بعد طواف القدوم، أريد بهذا لو قدم السعي على طواف القدوم يجزئ ولّا ما يجزئ؟ ما يجزئ؛ لأنه لم يكن بعد طواف نسك.
وبه نعرف خطأ من أفتى أهل مكة الذين يحرمون بالحج من مكة أن يطوفوا بالبيت ويسعوا بين الصفا والمروة بنية سعي الحج، وجه الخطأ أن هؤلاء لا قدوم لهم، طواف القدوم إنما يشرع لمن قدم إلى مكة من خارج مكة، وهؤلاء طوافهم ليس طواف قدوم، فلا يجزئهم تقديم السعي، وهذه الفتوى وهم لا أساس لها من الأدلة، ولهذا انظر كلام المؤلف:(ولم يكن سعى مع طواف القدوم) ولا طواف للقدوم في أهل مكة.
(ثم قد حل له كل شيء) ماذا يريد بكل شيء؟ يعني النساء، حتى النساء تحل.
هل تحل له امرأته في آخر نهار العيد؟
طلبة: نعم.
الشيخ: تحل، نعم؛ لأنه رمى وحلق وطاف وسعى، فتحل له، مع أنه باقٍ عليه المبيت والرمي، نقول: هذا لا أثر له في الحل أو في التحلل.
قال:(ثم يشرب من ماء زمزم لما أحب) ظاهر كلامه -رحمه الله- أنه يشرب من ماء زمزم بعد السعي، وليس مرادًا، بل يشرب من ماء زمزم بعد الطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شرب من ماء زمزم بعد الطواف، كما يدل عليه حديث جابر (١٢)، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسعَ للحج؛ لأنه سعى مع طواف القدوم، ثم ما رواه أهل السنن من أنه شرب من ماء زمزم حين طاف أول ما طاف يعني طواف القدوم فقد شرب قبل أن يسعى (١٣).
(ثم يشرب من ماء زمزم)، وقوله:(لما أحب) اللام للتعليل؛ يعني: يشرب من أجل أن يحمله على ما يحب، إذا شربه لظمأٍ روي، إذا شربه لجوع شبع، إذا شربه لمرض شفي بإذن الله، إذا شربه لنسيان هل يقوى حفظه؟ بعض العلماء ولا سيما المحدثون يفعلون هذا، يشربون ماء زمزم لقوة الحفظ، استنادًا إلى الحديث:«مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»(١٤).