للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: النساء، يبقى عليه النساء، لا يتزوج ولا يجامع زوجته، ولكن هذا القول أنه يؤخره متى شاء فعله ضعيف؛ لأن الله قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]، فإن قلنا: إن الأشهر إلى تمام شهر ذي الحجة، قلنا: ليس له أن يؤخره إلى ما بعد ذي الحجة، ومن العلماء من قال: لا يؤخره عن أيام التشريق؛ لأن الحج ينتهي بأيام التشريق، فلا يجوز أن يؤخر عن الوقت الذي حدده الشرع لإقامة النسك.

وظاهر كلام المؤلف أنه إذا أخره ليس عليه شيء لقوله: (وله تأخيره)، ولم يقل: وعليه الفدية، ولو قال: وعليه الفدية، لكان هناك تناقض بين قوله: وله، وقوله: عليه؛ لأنه متى جاز أن يؤخر فلا فدية، وظاهر كلامه أيضًا أنه لو أخره عن يوم العيد لم يعد محرمًا، كما جاء في ذلك حديث رواه أبو داود (٨)، لكن هذا الحديث مضطرب لا يُعتمد عليه، وهو أيضًا شاذ لمخالفته الأحاديث الصحيحة الصريحة في أن المحرم يحل قبل أن يطوف بالبيت، وإذا ثبت أنه يحل فإنه لا يمكن أن يعود محرمًا بدون نية، ولا يمكن أن ينوي نسكًا آخر الآن.

ثم هو شاذ عملًا، فلم تعمل به الأمة الإسلامية، وقد قيل: إن أول من عمل به عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة، فحكم شرعي لم يعمل به إلا واحد من التابعين هو أول من عمل به لا يمكن أن يُقال إنه حديث صحيح، ثم هذا الحديث مما تتوافر الهمم على نقله، ولو نقل لكان معلومًا محفوظًا عند أئمة الحديث كالبخاري ومسلم وغيرهما، ولكان محفوظًا معلومًا عند الأمة للعمل به، فهو حديث شاذ، والقول به قول شاذ، ولذلك لم نر علماءنا الذين هم أهل الحديث يعملون به، ولا علماءنا أهل الفقه يعملون به، بل إذا تحلل الإنسان يوم العيد لم يعد محرمًا إلا بنسك جديد، أما هذا النسك فقد انتهى وحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>