والعجب أن الزهري رحمه الله قال: واجب -يعني: إذا كان ناسيًا- بالسُّنَّة، يجب على المتعمد بالكتاب، وعلى الناسي بالسنة، أين السنة؟ ما فيه، ما فيه إلا بيان الجزاء، وأما بيان حكم وقوعه من الفاعل لم يأتِ بالسنة، السنة موافقة للقرآن:«إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(٦)، هذا هو الصواب؛ أن جميع المحظورات إذا فعلها الإنسان ناسيًا أو جاهلًا أو مُكْرَهًا فلا شيء عليه؛ لا إثم، ولا فدية، ولا جزاء، أفهمتم هذه؟
وهذه القاعدة منين أخذناها؟ من كلام مَن؟ من كلام الله عز وجل، ما هو من المؤلف فلان ولا المؤلف فلان، ممن له الحكم وإليه الحكم، ونحن مطمئنون غاية الطمأنينة ما دمنا أخذناه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولكن متى زال العذر وجب الالتزام، انتبه هذه القاعدة الثانية: متى زال العذر وجب الالتزام، فإذا كان نسيانًا وتذكَّر يجب أن يلتزم، فإذا كان -مثلًا- غطى رأسه ناسيًا ثم ذكر، ماذا يجب عليه؟
طالب: أن يكشف رأسه.
الشيخ: أن يكشفها، وإذا تطيَّب ناسيًا ثم ذَكَر يجب أن يغسلها.
فإذا قال قائل: كيف يغسل الطِّيب؟ إذا غسله تلوَّثَت يداه، قلنا: هذا التلوث لإزالة الطيب وليس لاستبقاء الطيب، كما أن الإنسان إذا تغوَّط يمس الغائط بيده، ليش؟
طالب: لإزالته.
الشيخ: لإزالته، ففرْق بين أن يَعْلَق الطيب بيده لإزالة الطيب، وبين أن يتقصد ذلك، إذن القاعدة الثانية ما هي؟
طلبة: إذا زال العذر وجب الالتزام.
الشيخ: إذا زال العذر وجب الالتزام، إنسان ما يدري يظن أن الإنسان يجوز أن يغطي رأسه إذا احترّت الشمس فجاءه رجل وقال: يا فلان ويش هذا؟ ما يجوز، هل يجب عليه أن يزيله؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، يجب أن يكشف رأسه وهكذا بقية المحظورات في كل عبادة، متى زال العذر وجب الالتزام، نرجع إلى كلام المؤلف.