للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: (والمُحْصَر إذا لم يجد هديًا صام عشرة ثم حَلَّ)، الْمُحْصَر هو الممنوع من إكمال النسك، يعني: هو الذي يمنعه شيء من إتمام النسك، سواء كان مرضًا، أو عدوًّا، أو سلطة، أي شيء يمنع من إتمام النسك فهو أيش؟ إحصار؛ لأن الإحصار يعني المنع، ولكن هل الإحصار يشمل كل ما يمنع، أو هو الإحصار بالعدو خاصة؟ في هذا خلاف يأتي ذكره إن شاء الله.

فالواجب عليه الهدي؛ لأن قوله: (إذا لم يجد هديًا) يعني أن الواجب الهدي، فإن لم يجد؟ صام عشرة أيام ثم حَلَّ.

أما وجوب الهدي على الْمُحْصَر فواضح من القرآن الكريم، قال الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

وأما صيام الأيام العشرة إذا لم يجد فلا دليل فيها لا من القرآن ولا من السنة، بل الدليل على خلافه، لكن الفقهاء رحمهم الله قاسوا ذلك على دم المتعة، قالوا: كما يجب على مَن لم يَجِدْ هديًا من المتمتعين أن يصوم العشرة أيام فهذا مثله، ولكن هذا قياس مع الفارق، وقياس في مصادمة السنة.

أما كونه قياسًا مع الفارق فلأن دم المتعة إنما يجب أيش؟ شكرًا لله، ودم الإحصار إنما يجب جبرًا لِمَا فات من النسك، والفرق بين هذا وهذا واضح، فكيف يُلْحَق دم الجبران بدم؟

طالب: الشُّكْرَان.

الشيخ: الشُّكْران، هذه واحدة، وأما كونه مخالفًا للسنة فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أُحْصِرَ في الحديبية، معه الصحابة، ألف وأربع مئة نفر، هل كلهم مُوسِرُون؟ لا، بل فيهم الفقير قطعًا، ولم يُؤْمَرُوا بالصيام، ولا صاموا وأُقِرُّوا، فإيجاب صيام على المكلَّف بدون دليل صحيح ولا قياس صحيح لا يمكن، لا يمكن أن نقابل ربنا عز وجل بإيجاب شيء لم يوجبه الله لا في الكتاب ولا في السنة، ولا بالقياس الصحيح ولا بالإجماع، ولهذا كان الصحيح في هذه المسألة أن الْمُحْصَر إذا لم يجد هديًا سقط عنه إلى غير بدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>