المخرج بَيَّنَه إمام المتقين عليه الصلاة والسلام فقال:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ»(٤)، إذن فمن حين أن يُحْرِم بالعمرة وهو ناوٍ التمتع يدخل وقت صيام الأيام الثلاثة، وألحقت الشريعة صيام أيام التشريق بصيامها في الحج، فقالت عائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما: لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي. (٥)
ثم قال:(وسبعة إذا رجع إلى أهله)، هذا الأفضل؛ ألَّا يصوم السبع إلا إذا رجع إلى أهله، وإنما شُرِعَ تأخيرها إلى أن يرجع إلى أهله من أجل التيسير والتسهيل؛ لأنه قد يشق على الناس أن يصوموا في سفرهم، لا سيما في أيام الحر الشديد مع طول الأيام، فقيل للناس: صوموا إذا رجعتم إلى أهليكم.
ولم يُبَيِّن المؤلف رحمه الله هل تصام الثلاثة والسبعة متتابعة، أو يجوز فيها التتابع والتفريق؟
وإذا أُطْلِق الصيام جاز فيه التتابع والتفريق؛ لأن هذا هو الأصل، كل صيام محدَّد بعدد إذا لم يعيَّن فهو أيش؟ على إطلاقه، تصوم ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة، تصوم سبعة أيام متتابعة أو متفرقة، حتى في كفارة اليمين، إذا لم يجد الإنسان إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فيصوم ثلاثة أيام، لكن قراءة ابن مسعود رضي الله عنه تحدِّد أن المراد صيام ثلاثة أيام متتابعة، ولولاها لقلنا: صيام الأيام الثلاثة في كفارة اليمين تجوز متتابعة ومتفرقة.
(وسبعة إذا رجع إلى أهله)، لو أحب أن يصوم قبل أن يرجع إلى أهله؟
نقول: لا بأس، بشرط ألَّا يكون صيام يوم واحد من السبعة في الحج؛ لأن الله لم يجعل الحج ظرفًا لصيام المتعة إلا في الأيام الثلاثة، ولهذا نقول: إذا فرغت من أعمال الحج وأنت في مكة فلا حرج عليك أن تصوم الأيام السبعة، بدليل أن الله حدَّد أيام الحج للأيام الثلاثة، فعُلِمَ من ذلك أن الأيام السبعة يدخل وقتها من حين انتهاء العمل في الحج.