إذا كانت عينًا بأن قال: أنا أدَّعِي على فلان أنه باع عليَّ بيته. قال: جيب شهود، قال: هذا الشهود حضروا، يحكم عليه ولَّا لا؟ يحكم عليه؛ لأن الحق الآن ثبت، ادَّعَى وأتى ببيِّنة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»(١)، وأحضر البينة، فيُحْكَم عليه.
هذا الذي ذكره المؤلف حكمٌ يحتاج إلى دليل، الدليل قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم لهند بنت عتبة أن تأخذ من مال أبي سفيان ما يكفيها وولدها بالمعروف، حيث جاءت إليه تقول: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعرُوفِ»(٢)، فحَكَمَ عليه وهو غائب، قالوا: هذا دليل على أنه يُحْكَم على الغائب.
أما التعليل فلأننا لو لم نحكم له لضاع حقه؛ لأن هذا غائب ما ندري هل يحضر، أو لا يحضر، أو يموت، وكذلك إذا كان في البلد لكنه مستتر مُتَغَبٍّ عن الناس، فإن استتاره أيضًا يدل على أنه مُبْطِل، فلهذا لا نُضَيِّع حق هذا الرجل الذي ثبت له الحق، بل نحكم له به، أعرفتم؟ هذا المذهب.
وفي المسألة خلاف، الخلاف الذي في المسألة يقول: إنه لا يُقْضَى على الغائب، الدليل؛ قالوا: عندنا دليل من القرآن، ودليل من السنة، ودليل من النظر، فزادوا على الأوَّلِين بدليل القرآن.