المحرِّم لما أحل الله ينقسم إلى عدة أقسام: أنْ يكون مُنشِئًا، وأنْ يكون مُخْبِرًا، وأنْ يكون ممتنِعًا، ثلاثة أقسام: أن يكون مُنشِئًا، ومُخْبِرًا، وممتنِعًا.
أما إذا كان مُنشِئًا فهذا قد يَكْفُر، إذا قال: إنَّ هذا الشيء الذي حرَّمه الله أنا أقول: إنه حلال، ولا أوافق على أنه حرام، فهذا قد يكفر، متى يكفر؟ إذا استباح ما حَرُمَ في الدين بالضرورة، مثل لو استباح الخمر، أو الزنا، أو السرقة، أو ما أشبه ذلك، قال: الزنا حلال، أو كما يُذْكَر عن المعري في الخمر يقول:
لَئِنْ حُرِّمَتْ يَومًا عَلَى دِينِ أَحْمَدٍ
فَخُذْهَا عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمِ
أعوذ بالله، فهذا يكون كافرًا، وإن حَرَّم ما لم يُجمَع على تحريمه، فهذا إن كان باجتهاد فله حكم المجتهِدين، وإن كان بعِنادٍ فهو على خطر، هذا حُكم مَنْ؟ -نحن قلنا: ثلاثة أقسام-، المُنشِئ للتحريم.
المُخْبِر بالتحريم هذا إما صادق، وإما كاذب، فقط، مثل لو قال: إن الله حرَّم هذا، هو ما هو يقول: أنا أُحَرِّمُه، وأُنْشٍئُ تحريمه، قال: هذا حرام، يعني يخبر أن الله حرَّمه، فهذا إما أن نقول: إنه صادق، أو كاذب، ولَّا لا؟ ننظر، إن كان الله قد حرَّمه فقوله صادق، وإن كان الله لم يحرِّمه قلنا: كذبت، ولهذا يُرْوَى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن مَن قال لزوجته: أنتِ عليَّ حرام، فقل له: كَذَبْتَ، وهذا محمول على أيش؟ على أنه مُخْبِر، نقول: هذا ما هو صحيح، ما هي حرام، الله مُحِلَّها لك، عرفتم هذا؟
القسم الثالث: أن يُحَرِّم الشيء مانعًا نفسه منه، أو ممتنعًا منه، اللفظان واحد؛ إذن: مُنشئًا، ومُخْبِرًا، وممتنِعًا، يعني قصده الامتناع فقط، هذا الأخير هو الذي يريده المؤلف -رحمه الله- في هذا الكلام، عرفتم؟