إما أن يكون الحِنْث خيرًا، أو عدمه خيرًا، أو يتساوى الأمران؛ فإن كان الحِنْث خيرًا حنث، وإن كان عدمه خيرًا لا يحنث، وإن تساوى الأمران خُيِّر، والأفضل أن لا يحنث، قال الله تبارك وتعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}، إلى قوله:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}[المائدة: ٨٩]: لا تحنثوا فيها، خَلُّوها مُحْكَمَة، محفوظة.
أما إذا كان الحِنْث خيرًا فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنِّي وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»(٩)، وقال لعبد الرحمن بن سَمُرَة:«إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»(١٠)، أعرفتم؟
فصار من قوله والتزامه عليه الصلاة والسلام أنه إذا كان الحِنْث خيرًا فإنه يحنَث.
الخيرية في الحِنْث تارة تكون خيرية واجب، وتارة تكون خيرية تطوع، فإن كانت خيرية واجب كان الحِنْث واجبًا، وإن كانت خيرية تطوع صار الحِنْث تطوعًا.
مثال الأول، قال: والله لا أصلي اليوم مع الجماعة، مسكين، قال له: روح صَلِّ يا ولد، أَذَّن فاتت الجماعة، قال: والله لا أصلي اليوم مع الجماعة، هذا حلف على؟
طلبة: ترك واجب.
الشيخ: ترك واجب، الحِنْث واجب ولَّا لا؟
طلبة: واجب.
الشيخ: الحِنْث واجب، يجب الآن أن يذهب ويصلي مع الجماعة ويكفِّر، قال له أبوه: يا ولدي، اختم صلاة الليل بالوتر، الوتر سُنَّة سَنَّها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله وفعله، قال: والله ما أُوتِر، والله ما أُوتِر، نقول له -الآن الحلف على شيء تطوع- فنقول: الحِنْث أفضل لك من عدمه، أن يتأكد الحِنْث هنا، فنقول: أَوْتِر، وبعد كفِّر عن يمينك.