إذا حلف على مستحيل فإن يمينه غير منعقدة، فلا كفارة عليه، سواءٌ على فِعْلِه، أو على ترَكْهِ؛ لأنه مستحيل، والمستحيل لا تتعلق به الكفارة؛ لأن الحالف على المستحيل إما أن يكون على عَدَمِه، وهذا لَغْو؛ لأنه لن يكون، حَلَف أو ما حَلَف، وإما أن يكون على فِعْلِه، وهذا أيضًا لا تكون اليمين منعقدة؛ لأنه من المعلوم أنه إذا حَلَف عليه فلن يكون، فيكون حَلِفُه عليه تأكيدًا له لا وجه له؛ لأن الحَلِف إنما يُقصَد به تأكيد فعل أيش؟ المحلوف عليه، وهذا أمر مستحيل بالنسبة للمستحيل، فتكون أيضًا لَغْوًا، وهذا هو ظاهر كلام المؤلف؛ لأنه قال:(عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ) فإن كان غير ممكن لم تنعقد.
ذكرنا أنَّ المستحيل قد يكون مستحيلًا لذاته، ومستحيلًا لغيره؛ المستحيل لذاته مثل أن يقول: والله لأقتلنَّ الميت، هذا مستحيل ولَّا لا؟
طلبة: مستحيل.
الشيخ: مستحيل لذاته، لماذا؟
طلبة: لأنه ميِّت.
الشيخ: لأن الميِّت ميِّت، ما يَرِد عليه القتل إطلاقًا، وعلى هذا لو قال قائل: والله لأقتلنَّ الميت، تنعقد يمينه؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا تنعقد يمينه، على ما مشى عليه المؤلف، والمذهب في هذه المسألة عليه الكفارة في الحال؛ لأن تَحَقُّقَ حِنْثِه معلوم، فيجب عليه أن يُكَفِّر ولا ينتظر، في الحال يُكَفِّر؛ لأن قَتْلَه ليس بممكن، وعليه فيكون حانثًا في الحال، فتجب عليه الكفارة في الحال.
لو قال: والله لأقتلنَّ هذا الكلب حيًّا أو ميتًا، كلب آذاه بالنباح ولا خلَّاه ينام، قال: والله لأقتلنَّ هذا الكلب حيًّا أو ميتًا.
طلبة: تنعقد.
الشيخ: تنعقد؟
الطلبة: تنعقد.
الشيخ: ليش؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: لأنه قد يكون حيًّا، وقوله: حيًّا أو ميتًا، هذا من باب تأكيد قتله، واضح؟
المستحيل لذاته مَثَّلْنَا به، والمستحيل عادة كما قال الفقهاء رحمهم الله: إذا قال: والله لأطيرنَّ، هذا مستحيل؟