وقوله:(الكَفَّارَةِ)، الكفارة قلنا: مشتقة من الكَفْر، وهو السَّتْر؛ وذلك أن الأصل أن الإنسان إذا حَلَف وجب عليه إتمام الحَلِف؛ لأنه حَلَفَ بعظيم، من عظمته أن تقوم بما حلفتَ به عليه؛ لأن الحَلِف في الواقع تأكيد للشيء بعظمة المحلوف به، فإذا انتهكت هذا التأكيد فهو كالإشارة إلى انتهاك عظمة المحلوف به، فلهذا وجبت الكفارة، وقلنا: لولا أن الله رَحِمَ العباد لكان مَن حَلَف على شيء وجب عليه أن يُتِمَّه بكل حال، إلَّا لضرورة.
يقول:(ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ الأوَّلُ: أَنْ تَكُونَ اليَمِينُ مُنْعَقِدَةً)، واليمين المنعقدة معناها التي تثبت وتتأكد؛ لأن انعقاد الشيء معناه أن يكون كالعُقدة ثابتة، مُثَبِّتة للمعقود بها، لكن تعريفها شرعًا اليمين المنعقدة: هِيَ الَّتِي قَصَدَ عَقْدَهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ، يعني جمعت اليمين المنعقدة ثلاثة شروط:
الأول: قَصَدَ عَقْدَها.
الثاني: على مستقبَل.
الثالث: ممكِن، هذه هي اليمين المنعقدة اللي تجمع ثلاثة شروط، ما هي؟
أن يكون قَصَد عَقْدَها.
طلبة: وعلى مستقبل.
الشيخ: وعلى مستقبل.
طلبة: وممكن.
الشيخ: وممكن.
فقوله:(قَصَدَ عَقْدَهَا) يفيد أنه لا بد أن يكون الحالف ممن له قَصْد، فإن لم يكن له قَصْد فلا عبرة بيمينه، كالمجنون مثلًا؛ المجنون لو يحلف ألف مرة لا تنعقد يمينه، ليش؟ لأنه ليس له قَصْد، كذلك الْمُخَرِّف، الْمُخَرِّف ليس له قَصْد، يعني الكبير الْمِهَذْرِي لو حلف فليس له قَصْد، فلا تكون يمينه منعقدة، كذلك السكران لو حلف: والله لا أُكَلِّم فلانًا، تنعقد ولَّا لا؟
طلبة: لا تنعقد.
الشيخ: لأنه؟
طلبة: لا قَصْد له.
الشيخ: لا قَصْد له، رجلٌ استشاط غضبًا وغضب غضبًا شديدًا فحلف لم تنعقد؛ لأنه ليس له؟