فإن زجرته أريد أن يسرع في العدو، لكنه بقي على ما هو عليه، يحل ولَّا لا؟ لم يحل؛ لأن زجري إياه لم يؤثر عليه، وهو إنما انطلق أولًا لي ولَّا لنفسه؟ لنفسه، إي نعم.
لو قال قائل: قد يكون هذا الكلب بكثرة تعليمه أنه إذا رأى الصيد أُمِر بالانطلاق عليه قد يكون قد تعود هذا، وأنه إنما ذهب بالنيابة عن صاحبه، هذا ممكنٌ ولَّا غير ممكن؟ ممكن، لكننا نقول: ويمكن أيضًا أنه إنما أراد أن يأخذ لنفسه، وإذا اجتمع سببان أحدهما مبيح وحاظر، غُلِّب جانب الحظر. هذا باعتبار تنزيل هذه المسألة على القواعد.
أما باعتبار النص فالمسألة واضحة؛ لأن الرسول قال عليه الصلاة والسلام:«إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ»(١٣)، «إِذَا أَرْسَلْتَ»، وأنا في الحقيقة ما صدت ما دام الكلب هو اللي ذهب وراح بدون علم مني ولا أمر مني فأنا ما صدت في الحقيقة، وإنما الذي صاد الكلب.
لو وكلته وكالة عامة، وقلت: كلما رأيتَ صيدًا فأنت وَكِيلي في الاسترسال؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: صح، هذا ما يصح، ليش؟ لأنه غير عاقل ولا يصح تصرفه، والعَجماء كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام:«الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ»(١٧)، فإذا كانت ما تضمن معناه أن تصرفاتها باطلة.
(فإن استرسلَ الكلبُ أو غيرُه بنفسِه لم يُبَحْ، إلا أن يَزْجُرَهُ فيزيدَ في عَدْوِه في طَلَبِهِ فَيَحِلَّ)، والسبب ما ذكرت لكم؛ أنه إذا ازداد عدوه بزجره دلَّ هذا على أنه إنما أمسك لصاحبه.
(الرابع: التسميةُ عند إرسالِ السَّهْمِ أو الجارحةِ)(التسمية) أن يقول: باسم الله، وسبق لنا في باب الذكاة أنه لا بد أن يضيف كلمة (اسم) إلى (الله) لفظ الجلالة، وأنه إذا أضافها إلى الرحمن أو العزيز أو الجبار، أو ما أشبه ذلك مما لا يسمى به إلا الله لم يصح، وذكرنا أن الصحيح جواز ذلك، وأن قوله: باسم الله؛ أي: باسم هذا المسمى، فإذا أضيفت كلمة (اسم) إلى ما يختص بالله عز وجل فلا فرق بين لفظ الجلالة وغيره.