للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدل لذلك أيضًا حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيد بالمعراض -يعني شيئًا مثل العصا- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنْ خَزَقَ فَكُلْ، وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ» (١٢)، خَزَقَ؛ يعني: نفذ وجرح وشق، «فَكُلْ، وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ». وعلى هذا فإذا كان مع الإنسان عصا له رأس مدبب فحدفه على الصيد، فأصاب الصيدَ بهذا المحدد حَلَّ، وإن أصابه بالعرْض لم يحلَّ، ولو مات؟ نعم، ولو مات.

لكن لو أنه حبسه ثم أدركه وفيه حياة؛ يعني: حبسه لما ضربه بعرضه انحبس؛ انكسر مثلًا، أو انهارت قواه، حتى أدركه حيًّا فذبحه فإنه يكون حلالًا.

الدليل قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]، فاستثنى المذكَّى، فإذا أدركته وفيه حياة فإنه يَحِلُّ.

لكن ما علامة الحياة؟

علامة الحياة أنني إذا ذبحته تحرك؛ هذا قول أنه لا بد من الحركة. وقيل: علامة الحياة أن يجري منه الدم الأحمر الحار، ما هو بالحار اللي يغلي، لكن الذي ليس ببارد، فإذا سال منه الدم الأحمر الحار وإن لم يتحرك فهو حي، فَيَحِل، وإن لم يسل منه أو سال منه دم أسود بارد فإنه قد مات، وهذا هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح؛ لأنه إذا خرج الدم الأحمر الحار فقد أنهر الدم، فيكون حلالًا.

إذا جَرَحَ ولكنه لم يمت، ثم أدركتُه حيًّا ومات بعد إدراكي إياه، يحل ولَّا لا؟

ينظر؛ إذا كان الجرح مُوحيًا -يعني قاتلًا له؛ مثل أن يكون جرحًا في قلبه- فهو حلال؛ لأن الحركة التي أدركته عليها حركة مذبوح، كما أن المذبوح إذا ذبحناه يتحرك ويبقى مدة يتحرك، فهذا يحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>