للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو أن أحدًا قال: أنا أطالبكم بالدليل على استحباب توجيه الذبيحة إلى القبلة إذا لم تكن من الذبائح المشروعة؛ الذبائح المشروعة مثل: الأضحية، والهدي، والعقيقة.

طالب: والنذر.

الشيخ: النذر، إي نعم، داخل في هذا.

لكن نقول: هذا فعل واحد، فمن فرَّق فيه بين العبادة والعادة فعليه الدليل، وإذا ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجَّههما فليكن هذا هو المشروع، إنما القول بالكراهة يحتاج إلى دليل، ولا أعلم للفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة دليلًا.

يكره أيضًا: (أن يكسر عنقه قبل أن يبرُد)، والمراد بقوله: (قبل أن يبرد) أي: قبل أن تخرج روحه، لماذا؟

(وأن يَكْسرَ عُنقه أو يسلخَه قبل أن يَبْرُدَ)، قوله: (قبل أن يبرد) عائد على المسألتين جميعًا.

كسر العنق قبل أن يبرد يعني قبل أن يموت فيه إيلام له، ولَّا لا؟ فيه إيلام له؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «لَا تُعْجِلُوا الْأَنْفُسَ»، أو: «لَا تَعْجَّلُوهَا قَبْلَ أَنْ تَزْهَقَ» (٩)؛ يعني: قبل أن تخرج بنفسها؛ يعني: لا تفعلوا شيئًا يؤدي إلى سرعة الموت، ما دمتم ذبحتموها ذبحًا يحصل به الموت فقفوا عند ذلك.

فدليل هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عنه، والتعليل: لأن فيه إيلامًا بلا حاجة، وتعليل آخر: لأن فيه إسراعًا لموتها، وقد يكون بموتها توقف الدم وعدم خروجه كله، ومعلوم أنه يُشْرَع إخراج الدم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» (٥).

كذلك يكره أن (يسلخه) أي: الحيوان، (قبل أن يبرد)، لماذا؟ لعموم الحديث: «لَا تُعْجِلُوا الْأَنْفُسَ قَبْلَ أَنْ تَزْهَقَ»، ولأن فيه إيلامًا بلا حاجة؛ ولهذا الصحيح أن هذا حرام؛ أعني: كسر العنق والسلخ قبل الموت؛ لأنه إيلام بلا حاجة.

فإن قلت: إذا قال الجزار: أنا عندي أغنام كثيرة، وأحب أن أكسر العنق ليسرع الموت إليها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>