للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا أَتَيْتَ بالسكين، ولا سيما إن حددتها أمامها، معناه أنك روَّعتها، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا أضجع شاة وهو يحد الشفرة، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ؟ ! » (٧)، يعني معناه: أن هذا يزعجها، ويروعها ترويعًا عظيمًا، حتى يكون كالموت عندها؛ تضجعها وتحد السكين فوقها -والعياذ بالله- هذا ما فيه رحمة.

إذن يكره أن يحدها والحيوان يبصره، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم.

إذا كان المكان ضيقًا، ولا أتمكن من أن أواريها عنها، وأنا محتاج إلى سَنِّها؟

طالب: نغمي عيونها.

الشيخ: نغطي وجهها، إي نعم، نغطي الوجه، لكن قد تسمع؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: لا، ما فيه شيء؛ يعني: إذا قدرنا ما هو ممكن، فهذا الظاهر اللي نقوله أن توارى عن البهائم، قد نقول: إنه يشمل المواراة البصرية والسمعية؛ لأنها قد تحس بهذا الشيء. فالمهم أنه ما أمكنك البعد عن ترويع البهيمة فهو الأولى.

قال: (وأن يوجهه إلى غير القبلة)، (أن يوجهه) يعني: يوجه الحيوان إلى غير القبلة، ولكن لو فعل فلا بأس، والذبيحة حلال.

الدليل على أنه يكره لم يذكر الفقهاء رحمهم الله دليلًا في ذلك، وغاية ما فيه ما ذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حين وجَّه أضحيته، قال: «بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (٨)، حين وجهها؛ يعني: وجهها إلى القبلة، وهذا يدل على أن التوجيه سنة، ولا يلزم من ترك السنة الكراهة، كما ذكره أهل العلم؛ لأنه لو لزم من ترك السنة الكراهة لكان كل إنسان يترك المسنون يكون قد فعل مكروهًا، وليس كذلك، وإنما الكراهة حكم إيجابي لا بد له من دليل، أما مجرد أن أترك السنة فهذا لا يستلزم الكراهة.

ثم إنه قد يقول قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم وجَّه أضحيتيه؛ لأنه ذبح عبادة وليس ذبح عادة، ومعلوم أن العبادة لها من الخصائص ما ليس للعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>