أولًا: الأموال؛ هل الأموال حرزها واحد؟ لو أن رجلًا جاء إلى حوش غنم، وسرق منها شاة فقد سرقها من الحرز؛ فلو قال السارق: أنا لم أسرقها من الحرز؛ لأن الأموال تحفظ في الصناديق الحديدية، أرأيت الذهب؟ وين أحطه فيه؟
طلبة: في الصناديق الحديدية.
الشيخ: في الصناديق الحديدية فهو يقول: إنه سرقه مما يحفظ به المال، كيف نقول له؟
طلبة: العادة حفظه فيه.
الشيخ: نقول: إن العادة حفظه فيه، ما جرت العادة أن الواحد لو صار عنده غنم يروح يحطها في الصندوق التجوري أبدًا لو حطها فيه لهلكت.
إذن: ما جرت العادة فيه فهو الحرز.
يختلف أيضًا باختلاف البلدان؛ كيف اختلاف البلدان؟ هل نقول: المدن الكبيرة تحتاج إلى حرز أشد، أو نقول: القرى الصغيرة تحتاج إلى حرز أشد؟
طلبة: الأول.
طلبة آخرون: السلطان.
الشيخ: دعني من السلطان، إلى الآن ما وصلنا السلطان، أحيانًا تقول: المدن الكبيرة تحتاج إلى حرز أشد؛ لا سيما إذا كان فيها أجناس مختلفة من الوافدين، وأحيانًا تقول: القرى الصغيرة تحتاج إلى حرز أشد؛ لأن أهلها قليلون، ويسطو عليها اللصوص أكثر.
على كل حال البلدان هذه ترجع إلى ما يتعارفه الناس، قد تكون مثلًا هذه البلاد القرية الصغيرة تكون أحرز لقلة أهلها، وإمكان ولاتها أن يضبطوها، وقد يكون الأمر بالعكس.
كذلك يختلف باختلاف عدل السلطان وجوره، أيهما أقوى؟ ( ... )؛ ماذا تقولون يا جماعة: هل العدل أقوى في الحرز أو الجور؟
طلبة: العدل.
الشيخ: الظاهر أن العدل أقوى؛ أولًا لأن العدل من الإيمان، وقد قال الله عز وجل:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ}[الأنعام: ٨٢]، والإمام العادل أو السلطان العادل يعينه الله عز وجل في حفظ الأمن بلا شك أكثر مما يعين الجائر.