كذلك لو (ملكها السارق) قوله: (ملكها) ظاهر كلامه أنه يعود إلى القيمة؛ لأنه قال:(وإذا نقصت قيمة المسروق أو ملكها) أي: القيمة وليس كذلك، بل المراد:(أو ملكها) أي: ملك العين المسروقة، فإن القطع لا يسقط.
مثال ذلك: رجل سرق من شخص ثوبًا يساوي ربع دينار، وبعد أن سرقه ملكه؛ ذهب إلى صاحبه فاشتراه، فهنا إذا طالب صاحبه إذا كان قد طالب ورفع إلى الحاكم فإن القطع لا يسقط، وإذا لم يكن قد رُفع إلى الحاكم فإنه يسقط، لا لأنه ملكها، ولكن لأن من شرط القطع أن يطالب المسروق منه بماله، وإذا باعه أو وهبه فإن المطالبة تسقط حينئذ، ويسقط القطع.
الخلاصة الآن: إذا نقصت قيمة المسروق بعد الترافع إلى الحاكم فإن القطع لا يسقط؛ يقطع.
إذا ملك العين المسروقة فإن القطع لا يسقط أيضًا، لكن لو ملكها قبل الترافع فإن القطع يسقط، لا لأنه ملكها، ولكن لأنه من شرط القطع أيش؟ أن يطالب المسروق منه بماله.
والدليل على أن هذا من شرط القطع حديث صفوان بن أمية في قصة الرجل الذي سرق رداءه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يده، فقال صفوان: هو له يا رسول الله، قال:«فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ»(٣)، فدل هذا على أنه لو لم يطالب فلا قطع.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(وتُعتبر قيمتها وقت إخراجها من الحرز)(تُعتبر قيمتها) أي: قيمة العين المسروقة التي تبلغ النصاب وقت إخراجها من الحرز.
انتبه لهذا الشرط الذي ذكر (فلو ذبح فيه كبشًا، أو شقَّ فيه ثوبًا فنقصت قيمته عن نصاب، ثم أخرجه أو أتلف فيه المال لم يُقْطع) القيمة التي هي النصاب يُشترط وقت الإخراج، لا وقت السرقة، فلو أن رجلًا دخل على مراح غنم، وأراد أن يسرق شاة، فقال في نفسه: إن خرجت بها حية بلغت النصاب، وإن ذبحتها لم تبلغ النصاب، فأريد الآن أن أذبحها، وأخرج بها مذبوحة، عليه قطع؟