للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: أما المذهب فتأخذ بأقلِّهما، فإذا سرق الإنسان متاعًا يساوي ثلاثة دراهم، ويساوي ثمن دينار، يقطع ولّا لا؟

يقطع على المذهب؛ لأننا نقول: أو ثلاثة دراهم، وإذا قُدِّر أن الفضة أغلى من الذهب وسرق شيئًا يساوي دينارًا كاملًا، لكن لا يساوي ثلاثة دراهم؟ يقطع.

إذن النصاب متردد بين ربع الدينار وبين ثلاثة الدراهم، ونعتبر الأكثر ولَّا الأقل؟ نعتبر الأقل.

والقول الثاني في المسألة: إن النصاب ربع دينار فقط، وليس ثلاثة دراهم، فإذا سرق شيئًا يساوي ثلاثة دراهم، لكنه لا يساوي ربع دينار، فليس عليه القطع.

وإذا سرق ما يساوي ربع دينار فعليه القطع، وإن كان لا يساوي ثلاثة دراهم، وهذا القول أصح؛ لأن حديث عائشة صريح فيه: «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، وأما الحديث الآخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع في مِجَنٍّ قيمتُه ثلاثة دراهم (٢)، فهذا محمول على أي شيء؟

على أنه يساوي ربع دينار وأن ثلاثة الدراهم تساوي ربع دينار في ذلك الوقت، والدينار اثنا عشر درهمًا من الفضة، وهذا القول أصح.

إذن فالنصاب على المذهب واحد من أيش؟ من أمرين إما ربع دينار أو ثلاثة دراهم، والقول الصحيح أنه ربع دينار.

يقول: (وإذا نقصت قيمة المسروق، أو ملكها السارق لم يسقط القطع) يعني أن هذا السارق سرق هذا الشيء، وهو يساوي ربع دينار، أو ثلاثة دراهم على المذهب، لكنه لما رُفِع إلى الحاكم، وإذا قيمته قد نزلت، فصار لا يساوي إلا أقل من ربع دينار، فهل العبرة بالترافع، أو العبرة بالسرقة؟

الثاني؛ ولهذا قال: (إذا نقصت) يعني: عند الترافع إلى الحاكم فإنه لا يسقط القطع؛ لأنه حين سرق سرق نصابًا.

مثال ذلك: سرق قلمًا يساوي ربع دينار، ولما رُفع إلى الحاكم صار القلم لا يساوي إلا ثُمن دينار؛ بأن السعر نقص، أو لأن القلم انكسر، أو ما أشبه ذلك، فإنه هنا لا يسقط القطع، بل القطع ثابت.

<<  <  ج: ص:  >  >>