للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: أبدًا ما يحصل، هو يقول: ما يهم، أتَصَبَّح بعشر جلدات يمكن تنفض الغبار عن ثوبي، ويعود.

لكن لهم مستند؛ المستند أنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ». (١٤)

قالوا: والحد هنا بمعنى العقوبة؛ لأن الحديث في سياق العقوبات، «لَا يُجْلَدُ»، وإذا كان في سياق العقوبات وجب أن نحمل الحد على أيش؟ على العقوبة، أي: لا يعاقَب أَحَدٌ جَلْدًا فوق عشر جلدات إلا في حد، والحد أدناه كم؟

طالب: ثمانون.

الشيخ: أدناه ثمانون، كما سبق؛ حد القذف، وعلى هذا فلا يجوز أن نزيد على عشر جلدات، وقال بعض أهل العلم: بل يجوز الزيادة على عشر جلدات، وعشرين، وثلاثين، وأربعين، ومئة، ومئتين، وألف، وألفين، بقدر ما يحصل به التأديب؛ لأن المقصود التقويم -تقويم الاعوجاج- والتأديب، وإزالة الشر والفساد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ونحن رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عَزَّرَ بما هو أعظم من عشر جلدات، كما سنذكر إن شاء الله تعالى.

وإذا كان كذلك فإنه يجب أن يُحْمَل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ» (١٥)، أي: في مُحَرَّمٍ من محارمه؛ لأن حدود الله تُطْلَق على الواجبات وعلى المحرَّمات وعلى العقوبات، أو لا؟

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، هذه الواجبات، تُطْلَق {فَلَا تَعْتَدُوهَا} هذه أيش؟ الواجبات.

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧] المحرَّمات، الحدود العقوبات المقدَّرة شرعًا واضحة، وإذا كان التعزير هو التأديب، وكان لا يتأدب هذا الفاعل للمعصية إلا بأكثر من عشر جلدات، فحينئذ إما أن نقول: لا نزيد، وتكون هذه الجلدات عبثًا؛ لأن جلدات لا تفيد، معناها أنها عبث لا فائدة منها، والشرع لا يأمر بالعبث، بل لا يأمر إلا بما فيه المصلحة والحكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>