قال:(وأبو الأنثى أحق بها بعد السبع) إذن الأنثى لا تُخيَّر، بل أبوها أحق بها، إذا تم لها سبع سنين أخذها أبوها ولكن لا شك أنه يشرط ألا يهملها، فإن أخذها وألقاها عند ضرة أمها، لا تقوم بمصالحها، بل تهملها، وتفضل أولادها، وتوبخها دائمًا، وتضيِّق صدرها، فإن في هذه الحال لا يمكَّن ولا يصح.
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على عدة أقوال:
منهم من يرى أن الطفلة تُخيَّر كما يخير الطفل، وقالوا: إن ورود ذلك في الذكر لا يمنع من الأنثى؛ لأن العلة واحدة؛ فالذكورة والأنوثة هنا لا تأثير لها في الحكم، العلة واحدة؛ وهي رغبة الطفل هل يكون عند الأم ولَّا يكون عند الأب؟ وعلى هذا فجعل هؤلاء العلماء وقت الذكورة عديم التأثير.
فمن العلماء من يقول: تبقى عند أمها إلى التسع، ثم بعد ذلك تُخيَّر بين أبيها وأمها إلى التسع، ثم بعد ذلك يأخذها أبوها.
ومنهم من يقول: إنها تبقى عند أمها حتى يتسلمها زوجها.
ومنهم من يقول: تبقى عند أمها حتى تبلغ خمس عشرة سنة.
والراجح عندي أنها تبقى عند أمها حتى يتسلمها زوجها؛ إلا إذا خشينا من الضرر في بقائها عند أمها كما لو كانت أمها تهملها، أو كان البلد مخوفًا يخشى أن يسطو أحد عليها وعلى أمها، ففي هذه الحال يتعين أن تكون عند الأب، وإلا فلا شك أن الأم أشفق بكثير من غيرها، حتى من الأب؛ لأن الأب مهو قاعد في البيت، الأب سيخرج ويقوم بمصالحه وكسبه، وستبقى هذه البنت في البيت، ولا نجد أحدًا أشد شفقة وأشد حنانًا من الأم، حتى جدتها أم أبيها ليست كأمها.
فالصواب في هذه المسألة أن البنت تكون عند أمها حتى تتزوج؛ لأنها -بلا شك- أشفق الناس وأرحم الناس بها، إلا إذا علمنا أن في ذلك ضياعًا للبنت، أو خوف فتنة فحينئذٍ لا بد أن تكون عند أبيها، ولا بد مع هذا أن يكون أبوها قائمًا بما يجب وقائمًا لها عما يضرها، ومدافعًا عنها إن ضرتها ضرة أمها، وأما إهمالها هكذا فلا.