للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن أراد أحد أبويه سفرًا طويلًا)، والسفر الطويل عندهم هو الذي يبلغ مسافة القَصْر، والقصير ما لا يبلغ مسافة القَصْر، ومسافة القَصْر على المذهب محدَّدة بستة عشر فرسخًا، أربعة بُرُد، وهي واحد وثمانون كيلو، وثلاث مئة وبضعة عشر مترًا.

وقول المؤلف: (أراد سفرًا طويلًا) ظاهره الإطلاق، ولكن يجب أن يقيَّد، فيقال: لغير قصد الإضرار، يعني ما قصده أن يضر بالآخر؛ لأنه قد يسافر علشان يأخذ الولد من الثاني إضرارًا به، لا لمصلحة الطفل، إذن يضاف إلى ذلك: سفرًا طويلًا لغير الإضرار، كما قيَّده شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

وقوله: (إلى بلدٍ بعيدٍ) البلد البعيد عندهم هو الذي يبلغ مسافة القصر، احترازًا مما دون ذلك، فيقول المؤلف: الحضانة لأبيه، إذا كان لبلد بعيد ليسكنه وهو وطريقه آمنان فالحضانة لأبيه.

مثال ذلك: هذا الزوج والزوجة كان في مكة فطلَّقها، وكان بينهما طفل، فالحضانة لمن؟

طالب: للأم.

الشيخ: الحضانة للأم، لكن هذا الأب أراد أن يضر بالأم، فسافر إلى المدينة ليسكنها من أجل أن يأخذ الطفل، نقول هنا: لا حق له، متى علمنا أن الرجل إنما سافر إلى هذا البلد من أجل الإضرار بالأم فإنه لا حق له، أما لو أراد أن يتحول من مكة إلى المدينة للسكنى لغير غرض الإضرار فإن الحضانة في هذه الحال تكون للأب، ويسقط حق الأم، وهذا من مُسْقِطات الحضانة؛ الأم أحق بالحضانة من الأب، لكن إذا أراد الأب سفرًا بعيدًا للسكنى صار هو أحق، العلة؟ قالوا: لأن بقاءه بعيدًا عن أبيه يؤدي إلى ضياعه؛ لأن الأم قد لا تقوم بواجب التأديب، وأبوه الآن بعيد في محل بعيد عنه، فيكون هو أولى بالحضانة.

طالب: حتى وإن كان رضيعًا؟

الشيخ: حتى لو كان رضيعًا يطلب منه الولد ما دام يمكن أن يجد مَن يرضعه فهو أحق، لكن انتبه أنه لا بد من ثلاثة شروط: .

أولًا: أن يكون البلد بعيدًا.

والثاني: أن يكون سفر الأب للسكنى، لا لحاجة تعرض ويرجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>