يجب عليه في البهائم العلف والسَّقْي وما يصلحها، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ»(٣)، وأخبر صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ»(٤)، فعليه يلزم الإنفاق عليها.
وقوله:(وما يصلحها) يعني: ما يقيها الضرر، فيلزمه أن يجعلها تحت سقف عن الْحَرّ وعن البرد، إذا كانت تتأثر بالْحَرّ أو البرد، أما إذا كانت لا تتأثر فإنه لا يلزمه.
وقوله:(ما يصلحها) يشمل أيضًا ما إذا كان فيها جرح أو شيء يؤلمها ويمكنه أن يعالجها فإنه يلزمه، ومن ثم احتاج الناس إلى البياطرة -أطباء البهائم- لأنه لا يمكن أن يدعها تتألم وهو يمكن أن يزيل ألمها، فإن حاجتها إلى إزالة الألم قد تكون أشد من حاجتها إلى الأكل والشرب، وهذا داخل تحت قوله:(وما يصلحها).
قال:(وألَّا يُحَمِّلَها ما تعجز عنه)، يعني: عليه أيضًا ألَّا يُحَمِّلَها ما تعجز عنه؛ لأنه إذا حَمَّلها ما تعجز عنه شق عليها ذلك، وهي لا تستطيع أن تقول ( ... )، ولكن كيف نعلم أن ذلك يشق عليها أو تعجز عنه؟ نعلم ذلك في حال هذه البهيمة، فمثلًا الضأن لا يمكن أن يحمل ما تحمله البقرة، والبقر لا يمكن أن تحمل ما تحمله الإبل، والضعيف منها لا يمكن أن يحمل ما يحمله القوي، وهذا شيء يُعرف بظاهر الحال، فإنها تجدها إذا حملت ما تعجز عنه يكون لها نَفَس، وربما يكون لها أَنِين، فيجب عليه أن يرحمها ( ... ) يجب عليه أن يرحم هذه البهائم، فإن رحمته إياها سبب إلى ( ... ).