للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا فإذا نُفِخَت فيه الروح فإنه لا يجوز إخراجه على وجه لا نأمن سلامته ويكون عليه خطر فيه.

إذا قال قائل: إذا كان بين النطفة ونفخ الروح، هو الآن -مثلًا- علقة أو مضغة لكن ما نُفِخَت فيه الروح، واضطررنا إلى تنزيله، بحيث إنه لو بقي في بطن أمه لخشي عليها الهلاك، ننزِّلُه ولَّا لا؟ في هذه الحال ننزله؛ لأنه إلى الآن ما نُفِخَت فيه الروح، والأم خطر عليها؛ يعني قال الأطباء: إنه تسعين في المئة يمكن تموت، نقول: هذا لا بأس به؛ لأن ما في ذلك قتل نفس، ولهذا الجنين في هذه المرحلة لو أنه نزل من بطن أمه لا يُغَسَّل ولا يُكَفَّن ولا يُصَلى عليه، يُحْفَر له في أي مكان ويدفن؛ لأنه إلى الآن لم يكن إنسانًا، ولا يبعث يوم القيامة؛ لأنه ما صار إنسانًا، وتأمل هذا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [الحج: ٥].

فقوله: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} هذا بعد الأطوار السابقة، وفي الآية الأخرى يقول: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} بعد ذكر العلقة والمضغة، {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤]، شوف {خَلْقًا آخَرَ}، من حيث الصورة والجسم ما تغير، لكن من حيث إنه صار إنسانًا يحس ويدرك جعله الله تعالى خلقًا آخر، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>