وقال بعض العلماء: إنه لا يجوز، ما دام تيقنت الحمل فإنه لا يجوز إسقاطه ولو كان نطفة، قالوا: لأن احتمال الفساد كاحتمال الموت بعد نفخ الروح، ما دام أنه علق وصار الحيوان المنوي علق بالبيضة فاحتمال أن يفسد وارد، كما أن احتمال أن يموت بعد نفخ الروح فيه وارد أيضًا، لكن الأصل أنه باقٍ، وليس كالعزل؛ لأن العزل منعٌ وهذا رفعٌ، أو لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: العزل منع؛ يعني: منع الماء أن يدخل في الرحم، وهذا رفع؛ يعني: رفع هذا الماء الذي وصل إلى الرحم وعلق وابتدأ تكوين إنسان، فبينهما فرق. وعلى هذا القول يكون حرامًا ما يجوز إلقاؤه. والفرق بينه وبين العزل واضح، ما فيه شك أن الفرق واضح.
ولكنه يأتي الحال الثانية إذا كان علقة، هل يجوز إلقاؤه أم لا؟
المذهب لا يجوز إلقاؤه؛ لأن العلقة دم، والدم مادة الحياة، فالآن انتقل وتحوَّل وتغير من الماء الذي لا قيمة له إلى دم هو ابتداء خلق الإنسان، وهو مادة الروح؛ ولذلك إذا نزف دم الإنسان فإنه يبقى أو يموت؟ يموت، قالوا: فإذا وصل إلى هذه المرحلة فإنه لا يجوز إلقاؤه.
وقال بعض العلماء: بل يجوز إلقاؤه؛ لأنه دم، والدم لا قيمة له؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام (٣)، والله حرم علينا أكل الميتة ولحم الخنزير، فإذن يكون لا قيمة له، فيجوز إلقاؤه، وليس آدميًّا محترمًا حتى نقول: إنه لا يجوز.
أما بعد نفخ الروح فيه فإنه لا يجوز إلقاؤه، ولكن إلقاؤه بعد نفخ الروح فيه له أحوال: تارة يُلْقَى في حالٍ يعيش فيها؛ مثل إذا تمت التاسع -مثلًا- المرأة وحصل عليها صعوبة في الوضع، يجوز إلقاؤه ولَّا لا؟ يجوز إلقاؤه بشرط أن نأمن السلامة؛ يعني: ألا يكون في ذلك خطر على حياته ولا على حياة أمه، فإن كان في ذلك خطر فهو حرام.