ثم هذا التعليل في الحقيقة عليل؛ لأن التخصيص لا فرق فيه بين المتقدم والمتأخر، لكن الدليل الواضح هو أن الله تعالى ذكر في سورة المائدة حِلَّ نساء أهل الكتاب، وحكى عنهم الشرك وكفرهم أيضًا -سبحانه وتعالى- فقال:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣]{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[المائدة: ١٧]{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[التوبة: ٣٠] إلى أن قال: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[التوبة: ٣١].
فالحاصل أن الذي عليه جمهور أهل العلم أن من تدين بدين أهل الكتاب وانتسب إليهم ولو كان يقول بالتثليث فإنها تحل ذبيحته ويحل نكاحه.
وقوله:(إلا حرة كتابية) هل مثلها المجوسية؟
طالب: لا.
الشيخ: لا، ليست مثلها مع أن المجوس تؤخذ منهم الجزية، ولكنهم يخالفون أهل الكتاب في حل الذبائح ما تحل ذبائحهم، المجوس ولا تحل مناكحتهم بالإجماع، ولم يخالف في حل ذبائحهم إلا أبو ثور رحمه الله.
ولكن الإمام أحمد رحمه الله أنكر هذا القول إنكارًا عظيمًا في حل ذبائح المجوس فالمجوس لا تحل ذبائحهم ولا يحل نكاح نسائهم، ولكن تؤخذ منهم الجزية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية منهم (٨).
والصحيح في مسألة الجزية -كما تقدم لنا- أنها تؤخذ من جميع الكفار؛ لأن المقصود أن يكون الكفار تحت حضانة المسلمين ورعايتهم لعلهم يسلمون وهذا لا فرق فيه بين اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم.
طالب:( ... ).
الشيخ: إذا كانت ما تدين بدينهم ولو المبدل فليست منهم.