الثاني: أن ينوي بطلب العلم امتثال أمر الله عز وجل؛ لأن الله أمر بالعلم، أمر بطلب العلم فقال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، فبدأ بالعلم قبل العمل، {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[محمد: ١٩]، فبدأ بالعلم قبل العمل، ثم إنه عز وجل رَغَّب في العلم فقال:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر: ٩]، وقال الله عز وجل:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: ١١].
ولا يخفى أن الواقع يشهد بذلك، كم من إنسان ليس له حسب وليس له نسب، ومع ذلك إذا كان عالمًا نال مرتبة عظيمة في الأمة.
ويقول الشاعر:
الْعِلْمُ يَرْفَعُ بَيْتًا لَا عِمَادَ لَهُ
وَالْجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ الْعِزِّ وَالشَّرَفِ
فيجب أن يعتني الإنسان بالعلم، وأن يبذل الجهد الجهيد في طلبه، وألَّا يسأم ولا يمل، كما كان السلف الصالح رضي الله عنهم يسهرون الليل على مصباح ضعيف، وفي حالة تقشف، ولكنهم صابرون، أما نحن الآن في عصرنا كل شيء متوفر والحمد لله، تكتب ورقة ثم تصورها بلحظة، بينما ينقلها السابقون بزمن على مقدار ما كُتِبت فيه.
وعلى طالب العلم أن يُثابر على العلم ويصبر، ولا يقل: أنا لا أحس أني ارتقيت، فإن الإنسان في أول الطلب يكون ضعيفًا، حتى في الإدراك يكون ضعيفًا لا يدرك، وانظر إلى النخلة التي شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمن (١٠) أول ما تغرسها تنمو بسرعة على طول؟ اسأل أهل النخيل، لا، تبقى، وتيبس العسب، ثم تنمو رويدًا رويدًا، هكذا أيضًا العلم لا تظن أنك ستحصل عليه في مدىً قصير، بل لا بد من المثابرة.