للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الثاني في المسألة: أن هذا التصرف لا يُبطِل حق الشفيع، حتى لو أوقفه المشتري أو وهبه، أو جعله صداقًا، أو جعلته المرأة خلعًا؛ عوضًا عن الخلع؛ فإن ذلك لا يسقط حق الشفيع، لماذا؟ لأن هذا الشقص انتقل من شريكه على وجه تثبت به الشفعة، أليس كذلك؟ انتقل من شريكه على وجه تثبت به الشفعة، فكان ثبوت الشفعة سابقًا على تصرف المشتري، وإذا تزاحمت الحقوق أخذ بالأسبق، فنقول: حق الشفيع سابق على تصرف المشتري، فكان أحق من تنفيذ تصرف المشتري.

وعلى هذا فإذا تصرف المشتري بوقفه، ولو على أناس معينين، ثم أخذ الشريكُ بالشفعة فإن الوقف يبطُل؛ لأن العين الآن انتقلت إلى غير الواقف بحق سابق على الوقف.

كذلك في الهبة؛ إذا وهب المشتري نصيبه لشخص فإننا نقول: للشفيع أن يأخذه بالشفعة؛ لأن حقه سابق على تصرف المشتري، فإذا أخذه بالشفعة بطلت الهبة ولَّا لا؟ بطلت الهبة، فهل للموهوب له أن يطالب الواهب -وهو المشتري- بقيمة هذه الهبة؟

الجواب: لا يطالبه؛ لأنه لما أخذ بالشفعة انسحب الحكم على ما قبل الهبة، فصادفت الهبة شيئًا مملوكًا لغير الواهب.

وعلى هذا فنقول: إن القول الراجح في هذه المسألة أنه إذا تصرف المشتري بهبته أو وقفه أو جعله صداقًا أو ما أشبه ذلك فإن للشفيع أن يشفع.

في مسألة الوقف ومسألة الهبة لا حق للموقوف عليه ولا للموهوب له في الرجوع على الواهب أو الواقف، ولكن إذا جعله الزوج صداقًا، وقلنا بالقول الراجح؛ وهو أن للشريك أن يشفع، فشفع؛ بطل كونه صداقًا ولَّا لا؟ ولكن المرأة الآن هل نقول: يسقط صداقها، أو نقول: لها صداق المثل، أو نقول: يقوم هذا الشقص وتُعطَى قيمته؟ الأخير؛ الحكم هو الأخير، فنقول: الزوجة الآن عُيِّنَ لها مهرٌ لم يتم تسليمه، فلها قيمة ذلك المهر، فتُقَوَّم الأرض وتُعطَى الزوجة ما قُوِّمَت به.

لو قال قائل: أفلا ترجع إلى الثمن الذي اشتراه به زوجُها الذي أصدقها إياه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>