للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: عليه هو، ولا يصح في حقه، ويكون استعماله للكتاب بعد هذا الصلح استعمالًا محرَّمًا؛ لأنني أنا إنما صالحت كالْمُكْرَه، حيث إنه ليس لي بينة، فأنا اضطررت إلى أن أصالح؛ لأن وجود شيء من مالي خير من عدمه، فأنا صالحته للضرورة، فيكون هذا الصلح في حقه محرَّمًا، ويكون أكله للمال الْمُصَالَح عليه أكلًا باطلًا يأثم به عند الله عز وجل، وهكذا كل دعوى يدَّعيها الإنسان ويُحكم له بحكم الظاهر فإنه إذا كان كاذبًا لا تحل له، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ، وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنِ اقْتَطَعْتُ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْتَطِعُ لَهُ جَمْرَةً مِنَ النَّارِ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» (٣)، فجعل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الحكم له جهتان: جهة الظاهر؛ يحكم بحسب الظاهر، وجهة الباطن؛ يعذَّب على حسب الباطل، لو كان الحكم الظاهر يقضي على الحكم الباطن لكان إذا حكم لأخيه بشيء حسب الدعوى هل تكون قطعة من النار ولَّا لا؟ ما تكون، لكنها إذا كانت دعوى باطلة كانت قطعة من النار.

إذن فدليل ما ذهب إليه المؤلف هذا الحديث، إذا قيل: ما هو الدليل على أنه إذا كذب أحدهما لم يصح في حقه باطنًا وما أخذه حرام؟

قلنا: هذا الحديث الذي سقناه وسمعتموه: «فَمَنِ اقْتَطَعْتُ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْتَطِعُ لَهُ جَمْرَةً مِنَ النَّارِ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ».

قال: (ولا يصح بعِوَض عن حد سرقة وقذف، ولا حق شفعة وترك شهادة)، هذه أمور أربعة لا تصح المصالحة عنها بعِوَض.

<<  <  ج: ص:  >  >>