للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: لا، هذا الكتاب ليس لك، أو الدراهم التي ادعيت مئة ريال ليس في ذمتي منها شيء، فهنا يقول: (ثم صالح بمالٍ صح)، ويش الدليل؟

الدليل أولًا نقول: ما الدليل على المنع؟ أليس كذلك؟ فنقول: الدليل هنا عدم الدليل؛ لأن الأصل الحِلّ.

ثانيًا: نقول: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (١)، فإن مفهومه كل شرط في كتاب الله فهو حق.

ودليل ثالث: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (٢)، وهذا لا يُحِلُّ حرامًا، ولا يُحَرِّم حلالًا فيجوز.

قال له -لما قال: هذا الكتاب الذي بيدك لي- قال: لا، ليس لك، ثم صالَحَ عنه، قال: هو ليس لك، لكن إذا تحب أن أصالحك بناءً على دعواك وتَعَلُّق قلبك به فأنا ما عندي مانع حتى يزول ما في قلبك، قال: لا بأس، صالِح، قلت: هذا الكتاب يساوي عشرة، وأنا بصالحك عنه بخمسة، قال: صالِح، يجوز ولَّا لا؟ كما قال المؤلف يجوز.

كذلك جاء إليَّ وقال: إن في ذمتك لي مئة درهم، فقلت: أبدًا، ليس لك عليَّ شيء، إنكاري هذا قد يكون عن علم، وقد يكون عن نسيان، وقد يكون عن جهل، عن جهل يعني: إني ما أدري هل الذي يطلبني فلان أو فلان، أنا أعرف أن أحدًا يطلبني مئة درهم، لكن لا أدري أهذا الرجل أم غيره، هذا جهل ولَّا نسيان؟

طلبة: جهل.

الشيخ: هذا جهل، المهم: ادَّعَى عليَّ بمئة درهم فأنكرت، أنكرت إما عن علم، أو عن جهل، أو عن نسيان، ولكن مع ذلك قلت له: ما دمت تدَّعِي عليَّ بهذا وأنا لا أُقِرُّ به لنجعل بيننا صلحًا، فأعطيك عن مئة الدرهم خمسين درهمًا، ووافق واصطلحنا، يجوز ولَّا لا؟ يجوز وينفُذ الصلح، ويلزم كل من الطرفين بما تم عليه الاتفاق، ولهذا قال المؤلف: (ثم صالح بمالٍ صح).

<<  <  ج: ص:  >  >>