قال:(في الحياة والموت)، أما كونه يطالبه في الحياة فالأمر ظاهر؛ لأنه حي، لكن (والموت) الموت كيف؟ الموت يعني يرجع في تركة الميت، مثاله: ضمن زيد عَمْرًا في عشرة آلاف ريال لخالد، ثم مات زيد وخلَّف أموالًا كثيرة، فجاء خالد إلى ورثته يطالبهم بالدَّيْن، فقال الورثة: نحن لم نضمن لك، فماذا يقول خالد؟ يقول: مورِّثُكم ضمن لي وخلَّف مالًا، فحقي متعلِّق بماله، فإن لم يخلِّف مالًا -أي الضامن- فإنه يطالبه في الآخرة؛ لأنه التزم أن يقضي هذا الدَّيْن، فهذا هو ( ... ) بقولك: (في الحياة والموت)، المضمون عنه يُطالَب في الحياة والموت؟
طلبة: في الحياة.
الشيخ: نعم، يطالب في الحياة وفي الموت، فصاحب الحق إذا مات المضمون عنه يأتي إلى ورثته ويقول: أعطوني الدَّيْن، فإن لم يخلِّف تركة طالَبَه في ذلك يوم القيامة، ولكن اعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ»(٢).
فإذا كنت أخذت أموال الناس وأنت تريد أن تؤديها إليهم فإن الله يؤديها عنك، إما في الدنيا بأن يغنيك حتى تقضي وتؤدي الدَّيْن، وإما في الآخرة يجزي أولئك الدائنين من فضله بقدر ما لهم.
قال المؤلف:(فإن برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن، لا عكسه)، لماذا؟ لأنها إذا برئت ذمة المضمون عنه لم يبقَ هناك شيء يُضمَن.
وقول المؤلف:(إن برئت ذمة المضمون عنه) لم يقل: إن قضى المضمون عنه الدَّيْن؛ لأن براءة الذمة قد يكون بقضاء الدَّيْن، وقد يكون بالإبراء، يعني يسامحه ويعفو عنه، وقد يكون بشراء شيء يكون عِوَضًا عن الدَّيْن مثلًا.
فكلمة (إن برئت) أعم من قوله: إن قضى الدَّيْن، انتبه، مثال ذلك: هذا طلال ضمن ياسر بعشرة آلاف ريال لناصر، الطالب مَن؟