للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدليل؛ قالوا: لأن هذا الحديث لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما قال الإمام أحمد: لا يثبت في هذا الباب شيء، وإذا لم يصح؛ فإن دعوى مشروعية فعل من الأفعال تحتاج إلى دليل، والأصل عدم الدليل. لكنه قد صح عن أبي هريرة أنه أمر غاسل الميت بالغسل، وهذا ينبني على القول بحجية قول الصحابي.

والقول الثالث في المسألة -القول الوسط الذي مشى عليه المؤلف-: أن من غسَّل ميتًا سُنّ له الغسل، ولم يجب عليه، وحجة هؤلاء أنهم قالوا: إن هذا الحديث فيه الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، لكن لما كان هذا الحديث فيه شيء من الضعف لم ينتهض للإلزام.

أقول: لما لم يكن هذا الحديث صحيحًا أو حسنًا ( ... ) صار غير قائم بإلزام الناس به، وهذه القاعدة مرت علينا فيما سبق؛ أن النهي إذا كان بحديث ضعيف لا يكون للتحريم، والأمر لا يكون للوجوب؛ لأن الإلزام بالمنع أو بالفعل يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة لإلزام العباد بأمر من الأمور.

وهذا القول الذي مشى عليه المؤلف هو قول وسط، فإن قلت: ما أكثر الذين يُغسِّلون الموتى ولم يأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالغسل، الرجل الذي وَقَصَتْهُ ناقته قال: «غَسِّلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»، ولم يأمرهم بالاغتسال (٦)، وأم عطيَّة، ومَنْ كان يغسل النِّساء غسَّلن بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وأمرهن بغسلها (٦)، ولم يأمرهن بالاغتسال؟

الجواب: نعم، هذا صحيح؛ فالأحاديث الصحيحة ما فيها أمر بالاغتسال؛ ولكن الجواب على ذلك أن يقال: عدم الأمر ليس أمرًا بالعدم فلو عندنا قول الأصل أن هذا القول قائمًا ( ... ) إذا صح، وأيضًا: نحن لا نقول ( ... )؛ فعدم الأمر إذا وجد أمر آخر عدم الأمر في موضعه يدل على عدم الوجوب، لا يدل على نفي المشروعية مطلقًا؛ فالأقرب ما نص عليه المؤلف أن الإنسان إذا غسل ميتًا سُنَّ له الغسل، فإن غسل حيًّا كما لو غسلت المرأة طفلها.

طلبة: لا يُسن الغسل.

الشيخ: لا يُسن الغسل؟

طلبة: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>