للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ألا يمكن أن نقيسها على الجنب بجامع أن كلًّا منهما يلزمه الغسل بسبب الخارج؟

الجواب: أن هذا قياس مع الفارق؛ والفارق هو أنَّ الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع ولَّا لا، بماذا؟

طلبة: بالغسل.

الشيخ: بالاغتسال، يغتسل ويزول المانع، وهو خير ( ... )، وأما الحائض فليس بإمكانها أن تزيل ذلك المانع، ثم إن الحائض مدتها تطول غالبًا، والجنب لا يمكن أن تطول؛ لأنه مهما كان سوف تأتيه الصلاة، ويُلزم بالاغتسال.

والنفساء كذلك، بل من باب أوْلى أن يُرخَّص لها؛ لأن مدتها أطول من مدة الحائض، وما ذهب إليه شيخ الإسلام فهو مذهب قوي؛ لأنه -كما قلت- الأصل عدم المانع، وأن الإنسان مأمور بتلاوة كتاب الله، وقد أثنى الله تعالى على من يتلون كتابه.

فإذا قال قائل: ما دام العلماء مختلفين، وفيه أحاديث وإن كانت ضعيفة، لماذا لا نجعل المسألة مرتبطة أو مُعلَّقة بالحاجة، فإن احتاجت الحائض إلى قراءة القرآن مثل الأوراد، أو أن تتحفظ ما حفظته حتى لا تنسى، أو تكون محتاجة لتعليم أولادها؛ أو لتعليم البنات في المدارس فإننا نبيح لها ذلك، وأما مع عدم الحاجة فنأخذ بماذا؟ بالأحوط، ونقول: لها أذكار تذكر الله عز وجل بذكر غير القرآن، وهي لن تحرم من الذكر، لو ذهب ذاهب إلى هذا لكان مذهبًا قويًّا.

فلدينا الآن ثلاثة مذاهب: المنع مطلقًا، والإباحة مطلقًا، والتفصيل؛ والإباحة مطلقا أقوى من المنع مطلقًا، ويبقى النظر بين الإباحة المطلقة وبين التفصيل.

بقينا إسلام الكافر: لو أن رجلًا أسلم وقال: أريد أن أقرأ الفاتحة قبل أن أغتسل، قلنا له: لا حتى تغتسل؛ لأنك ممن يلزمك الغسل، فما هو الدليل؟

لا دليل سوى القياس، والقياس فيه نظر قوي جدًّا؛ النظر أولًا: أن الجنب قد أجمع العلماء على وجوب الغسل عليه بخلاف الكافر؛ فإن الكافر مختلف في وجوبه عليه كما سبق، ولا يمكن أن يقاس المختلف فيه على المتفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>