الدليل: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يُعَلِّمُهم القرآن، ولا يَحْجزه عن القرآن إلا الجَنَابَة (٢٠). الجنابة في هذا دليل على أن الجنب لا يقرأ القرآن؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي سلم عليه فلم يرد عليه السلام، وهو غير متوضئ، قال:«إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ»(٢١). والقرآن أشرف الذِّكر، وهذا يدل على أن الْجُنب لا يقرأ القرآن؛ ولأن في منعه من القرآن حثًّا له على المبادرة إلى الاغتسال؛ لماذا؟ لأنه إذا علِم أنه ممنوع من قراءة القرآن حتى يغتسل فسوف يبادِر، فيكون في ذلك مصلحة؛ ولأنه قد روي أنَّ الْمَلَكَ يتلقَّف القراءة من فَمِ القارئ (٢٢)، وأنَّ الملائكة لا تدخل بيت فيه جُنُب (٢٣).
وعلى هذا فإذا قرأ القرآن؛ فإما أن يحرم الملك من تلقف القرآن، وإما أن يؤذيه بجنابته، وهذا وإن كان فيه شيء من الضعف، لكن يُعلَّل به، وعلى كل حال فقراءة القرآن للجنب محرمة، لا تجوز.
بقينا الحائض، الحائض ( ... )، فهل يحرم عليها قراءة القرآن؟
الجواب: نعم، كلام المؤلف يدل على أنه يحرم عليها قراءة القرآن، وعلى هذا جمهور أهل العلم؛ أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ ولكن لها أن تذكر الله بما يوافق القرآن؟ نعم، لها أن تذكر الله بما يوافق القرآن؛ ولكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: إنه ليس في منع الحائض من قراءة القرآن نصوص صريحة صحيحة، وإذا لم يكن فيها نصوص صريحة صحيحة تمنع؛ فإن الأصل البراءة أو الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع.
والله -عز وجل- أمر بتلاوة القرآن مطلقًا، فأي حال من الأحوال يُخرج بها الإنسان شخصًا من عباد الله عن قراءة القرآن؛ فإننا نطالبه بالدليل، وإذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح يمنع الحائض من قراءة القرآن؛ فإنها مأمورة بقراءته.