أما الفوات فهو مصدر (فَاتَ يَفُوتُ فَوْتًا وفَوَاتًا)، ومعناه: أن يُسبق فلا يدرك، يقال: فاتني الشيء؛ أي: سبقني فلم أدركه، هذا هو الفوات سبقٌ لا يدرك.
أما الإحصار فهو من: حصره؛ إذا منعه، فالإحصار بمعنى المنع؛ يعني: أن يحصل للإنسان مانع يمنعه من إتمام النسك، والفوات: أن يفوت الإنسان شيء من النسك.
وسيأتي في هذا الباب أن من الأركان ما له وقت محدد، ومنها ما ليس له وقت محدد، فالوقوف -الذي هو الحج كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«الْحَجُّ عَرَفَةُ»(٤) - له وقت محدد، حده متى؟
طلبة: طلوع الفجر.
الشيخ: طلوع الفجر يوم النحر، فيقول المؤلف في حكم ذلك:(من فاته الوقوف فاته الحج)، وإذا فاته الحج فماذا يصنع؟
يُنظر؛ إن كان الإنسان قد اشترط عند إحرامه أن محله حيث حبس فإنه يحل ولا شيء عليه؛ يعني: يخلع ثياب الإحرام ويلبس الثياب ويرجع إلى أهله؛ لأنه قال: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهذا حابس.
وقد سبق هل الأولى أن يشترط أو الأولى ألَّا يشترط؛ إما مطلقًا، أو بتفصيل، وذكرنا أن الصواب ألَّا يشترط إلا إذا كان يخاف من عدم إتمام النسك.
قال:(فاته الحج وتحلل بعمرة) يعني: إذا فاته الوقوف وطلع الفجر قبل أن يصل إلى عرفة تحلل بعمرة؛ ذهب وطاف وسعى وحلق أو قصر، وإن شاء أن يبقى على إحرامه إلى الحج القادم فله ذلك، ولكن أيهما الذي يختار؟
طلبة: الأول.
الشيخ: سيختار الأول بلا شك، لكن الفقهاء يقولون: إن اختار أن يبقى على إحرامه إلى أن يأتي الحج الثاني فلا بأس، ولكن يقال: الأولى أن يتحلل؛ لأن ذلك أيسر وأسهل، وكيف يمكن للإنسان أن يدع محظورات الإحرام لمدة سنة كاملة؟ ! هذا بعيد، ومشقة شديدة.