قال:(ويقضي ويُهدى إن لم يكن اشترط)(ويقضي) يعني: يقضي هذا الحج الفائت، وظاهر كلام المؤلف أنه يقضي؛ سواء كان الحج واجبًا، أم تطوعًا؛ لأنه إن كان واجبًا فوجوب القضاء ظاهر؛ سواءٌ كان واجبًا بأصل الشرع بأن يكون هذا فريضة الإسلام، أو واجبًا بالنذر فإن قضاءه أمر واضح أنه يجب عليه القضاء، ولكن إذا كان تطوعًا فهل يجب القضاء؟
نقول: نعم، يجب القضاء؛ وذلك لأن الإنسان إذا شرع في النسك صار واجبًا، وهذا من خصائص الحج والعمرة؛ أن نفلهما يجب المضي فيه بخلاف غيرهما، فهو لما شرع وأحرم بالحج أو بالعمرة صار ذلك واجبًا في حقه كأنما نذره نذرًا، وإلى هذا يشير قوله تعالى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩].
وعلى هذا فيجب القضاء؛ سواء كان ذلك تطوعًا، أو واجبًا بأصل الشرع وهو الفريضة، أو بالنذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ»(٥).
وقول المؤلف:(إن لم يكن اشترط) فإن كان اشترط فلا قضاء عليه ولا هدي عليه، إلا إذا كان الحج واجبًا بأصل الشرع أو واجبًا بالنذر فإنه يلزمه القضاء ولو كان اشترط.
وعلى هذا فيكون قوله:(إن لم يكن اشترط) فيما إذا كان الحج نفلًا، أما إذا كان واجبًا بأصل الشرع أو واجبًا بالنذر فيلزمه القضاء، وعلى كل حال لأنه قد وجب عليه قبل أن يشرع فيه.
تعرَّض المؤلف رحمه الله إلى مسألة إذا أخطأ الناس في يوم الوقوف؛ بأن وقفوا، ثم ثبت ثبوتًا شرعيًّا أن وقوفهم كان في غير يوم عرفة فهل حجهم صحيح أو حجهم باطل؟ أنتم فاهمين؟ وعلى كل حال في الوقت الحاضر هذا شيء قد يكون متعذرًا، لكن فيما سبق ربما يكون وقف الناس، ثم ثبت ببينة أن وقوفهم كان في اليوم العاشر، وأن الهلال هلَّ قبل أن يراه الناس في مكة، فهل يلزمهم القضاء؟