الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد سبق الكلام على الأركان والواجبات والسنن وبيان حكم كل منها، وأن من ترك الإحرام لم ينعقد نسكه، ومن ترك ركنًا غيره لم يتم نسكه إلا به، ومن ترك واجبًا فعليه دم، ومن ترك سنة فلا شيء عليه، وسبق بيان الأدلة على ذلك.
وقد توهم بعض الناس في مسألة الواجبات فظن أن الإنسان مخير بين أن يأتي بالواجب أو يأتي بالدم، حتى سمعنا أن بعض الناس إذا وقف بعرفة وبات بمزدلفة إلى نصف الليل نزل، ثم طاف وسعى وحل التحلل كله، ثم بقي في بيته وقال: أذبح فدية عن المبيت بمنى وعن رمي الجمرات، فيظن أن المسألة على التخيير وليس كذلك، ولكن من ترك الواجب لعذر أو نحو ذلك فإنه يجب عليه أن يفدي، أما أن الإنسان مخير بين هذا وهذا فإن هذا لا شك إخلال بهذه النسك العظيم.
يعني لو قال إنسان: أنا أقف بعرفة إلى غروب الشمس وبمزدلفة إلى منتصف الليل، ثم أنزل إلى مكة وأطوف وأسعى، ثم أرجع إلى أهلي، متى يرجع إلى أهله؟ في ليلة العيد، ويوكل من يرمي عنه، ومن يذبح عنه، عن طواف الوداع، وعن المبيت، هذا تلاعب بأحكام الله.
فقول الفقهاء رحمهم الله:(من ترك واجبًا فعليه دم) يعني أن ذلك جبرٌ لما ترك، وليس المراد به التخيير، وإلا لقالوا: يخير بين هذا وبين الدم.
أما السنة فمن تركها فلا شيء عليه؛ لأن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، فلو ترك الإنسان الوقوف بعد الجمرة الأولى أو بعد الجمرة الوسطى فلا شيء عليه، وكذلك لو ترك الاضطباع في الطواف أو الرمل فلا شيء عليه، فالقاعدة أن من ترك سنة فلا شيء عليه.
ثم قال المؤلف:(باب الفوات والإحصار) هذا الباب يتضمن مسألتين؛ المسألة الأولى الفوات، والمسألة الثانية الإحصار.