وهُنا يُشكِل على بعض الإخوة يقول: المبيت بِمِنى، لازم أَبِيت وأضطجع. وقد بيَّنَّا فيما سبق أنَّ ذلك ليس بلازم وأنَّ المراد بالمبيت الْمُكْثُ في مزدلفة ليلةَ العيدِ سواءٌ باتَ أو صارَ يقظانًا، لكن المبيت كما سبق .. يعني النوم أفضل من إحيائها بقراءةٍ أو بحثٍ في علمٍ أو تهجُّدٍ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أَثَرْنا -وكنا نتكلم على صفة الحج- مسألةَ الوتر في تلك الليلة وقُلنا: إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يَدَعُ الوتر حَضَرًا ولا سَفَرًا، وهذا عامٌّ يشمل حتى ليلة العيد في مزدلفة.
وأَوْرد علينا بعض الناس أو أوردْناه نحن على أنفسنا حديث جابر: ثم اضْطَجَعَ حتى طَلَعَ الفَجْر (١٥)، وقُلنا: إن هذا مَبْلغ علم جابر، هذا مَبْلغ علمِه، وإلَّا فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعثَ أهْلَه من مزدلفة بِلَيْلٍ (١٦)، وهذا يقتضي أن يكون في آخِر الليل مستيقظًا، بعثَ أهْلَه، فعلى هذا نقول: إن الوتر في تلك الليلة كغيرها من الليالي مشروعٌ، لكن التهجُّد وإحياء الليلة غير مشروع.
(المبيتُ لغير أهلِ السِّقايةِ والرعايةِ بِمِنًى). المبيت في مِنى -وهو الواجب الرابع- ذكرْنا دليلَه في الدرس الماضي، ما هو؟
أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخَّصَ لعمِّه العباسِ بن عبد المطلب أنْ يبيتَ في مكة من أجْلِ سِقايتهم (٩)، قالوا: والترخيص لا يكون إلا في مقابل العزيمة، نعم، ولأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام باتَ في مِنى لياليَ أيامِ التشريقِ وقال:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
طيب في هذه العصور الأخيرة صار إشكالٌ بالنسبة للمبيت بِمِنى، وهو أن الناس لا يجدون مكانًا، فماذا يصنعون؟
نقول: ينزلون عند آخِر خيمةٍ من خيام أهل مِنى؛ استدلالًا بقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وقوله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].