وقول المؤلف:(لغير أهْلِ السِّقايةِ والرعايةِ) يُفهم منه أنَّ أهل السِّقايةِ والرعايةِ يجوز لهم تَرْك المبيت بمزدلفة، ولا أعلمُ لهذا دليلًا من السُّنة أنَّ الناس يسقون ليلة المزدلفة، ولا أنَّ الرُّعاة يذهبون بالإبل ليلة المزدلفة؛ أولًا: الرُّعاة لا حاجةَ لهم إلى الرَّعي في ليلة المزدلفة، بل الرواحلُ عند مَن؟ عند الناس؛ لأنهم سيرتحلون، فكيف تذهب ترعى في الليل، هُم جاءوا بها من عرفة وأناخُوها في مزدلفة، وستبقى تنتظر ارتحالَهم في صباح تلك الليلة، هل في هذا حاجةٌ للرُّعاة؟ لا.
السُّقاة أيضًا؛ أليس الناس يذهبون إلى مكة يشربون ماء زمزم قبل أنْ يستوطنوا في مِنى؟ ! فاستثناء السُّقاةِ والرعاةِ من المبيت أو من وجوب المبيتِ في مزدلفة فيه نَظَرٌ ظاهرٌ؛ أولًا: لعدم ورود السُّنة به، والثاني: أنه لا حاجةَ لذلك.
لكنْ قد يقول قائل: ما رأيكم في جنود المرور، جنود الإطفاء، الأطباء، الممرضين، هل ترخِّصون لهم؟
نقول: لا، لا نُرخِّص؛ لأن المبيت في مزدلفة أَوْكد من المبيت في مِنًى بكثير؛ فإن مِنًى لم يقُل أحدٌ من العلماء: إن المبيت بها ركنٌ من أركان الحج، ومزدلفة قال به بعض العلماء، وهو قولٌ قويٌّ كما عرفتم، إلَّا أنَّ أقوى منه أنه واجبٌ وليس برُكن، وعلى هذا فلا بدَّ من المبيت في مزدلفة.
ثم يُفرَّق بينه وبين ليالي مِنًى أنه ليلةٌ واحدةٌ، أو بعضُ ليلةٍ للإنسان الذي يحتاج إلى الدفع مبكرًا في آخِر الليل؛ يعني لا يقضي ليلَه كلَّه، فلا يصح قياسُه على ليالي مِنًى.
قال المؤلف:(بِمِنًى). هذا الرابع ولَّا الخامس؟
طلبة: الرابع.
الشيخ: كَوْن الإحرام من الميقات، استمرارُ الوقوف إلى الغروب بعرفة، المبيتُ بمزدلفة، الرابع: المبيت بِمِنى.