للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: (الوقوفُ بعرفة إلى الغروب)، وذكرنا دليله بالأمس في الدرس الماضي؛ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بعرفةَ ولم يدفع حتى غاب القُرص (١٥)، وكَوْنه يختار هذا الوقتَ الذي هو أشدُّ وأشقُّ على الناس مما لو كان الدفعُ قبل الغروب يدلُّ على أيش؟ وجوبه، هذا واحد.

ثانيًا: كونه بادَرَ بالدفع قبل أن يصلِّي المغربَ يدلُّ على أنه ينتظر غروب الشمسِ بفارغ الصبر، ولهذا من حين غربتْ دَفَع.

فيه ثالث: أنه لو تقدَّم ودَفَع قبل الغروب لشابَهَ أهلَ الجاهلية، والتشبُّه بالكفار -ولا سِيَّما في الشعائر الدينية- مُحَرَّمٌ. طيب (الوقوف بعرفة إلى الغروب).

وبهذا نُجيب عن حديث عروة بن مُضَرِّس: «وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا» (٧)، فيقال: قوله: «أَوْ نَهَارًا» مُطْلَق، فيُحمل على أنه إذا وقف نهارًا يجب أن ينتظر حتى تغرب الشمسُ؛ لأن المطلق يحكم عليه المقيَّد.

الثالث من الواجبات قال: (والمبيتُ لغير أهْلِ السِّقايةِ والرعايةِ بِمِنًى وبِمزدلفةَ إلى نصف الليل).

مزدلفة تكلَّمنا عليها أيضًا، وبيَّنَّا أن للعلماء فيه ثلاثة أقوال: الرُّكنيَّةُ والوجوبُ والسُّنيَّة، وأنَّ أَعْدلَ الأقوالِ وأقربَها أنه واجبٌ وليس برُكن، وبيَّنَّا الدليلَ لذلك وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ».

وأَوْرد علينا بعضُ الإخوة أننا إذا أخذْنا بهذا الاستدلال لَزِمَ من ذلك ألَّا يكون الطوافُ رُكْنًا؛ لأنه بعد عرفة، وأجبْنا عن ذلك بأيش؟

طلبة: حديث صفية.

الشيخ: بحديث صفية؛ فإنه يدلُّ على أن الطواف ركنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>