أما بيوت منى، فلا شك أنه لا يجوز تأجيرها أبدًا، ولا أرض منى؛ لأن منى مشعر محدود، محصور، فأين يذهب الناس إذا استولى عليها من يقول: أنا لا أُنزل فيها الناس إلا بأجرة؟ !
أما مكة يمكن للإنسان أن ينزل بعيدًا، ولا يهم، لكن منى وعرفة ومزدلفة مشاعر كالمساجد، لا يجوز لأحد إطلاقًا أن يبني فيها بناء ويُؤجره، ولا أن يختط أرضًا ويُؤجرها، فإن فعل فالناس معذورون، يبذلون الأجرة، والإثم على الذي أخذها.
يقول: (فرماها بسبع حصيات متعاقبات) سبع حصيات، ولماذا اختِيرت السبع؟ اقتداءً بمن؟ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه رماها بسبع حصيات.
أما لماذا لم تكن خمسًا، أو ثلاثًا، أو تسعًا، أو إحدى عشرة حصاة؟
فهذا ليس لنا الحق في أن نتكلم فيه، كما أنه ليس لنا الحق بأن نقول: لماذا كانت الصلوات الخمس سبع عشرة ركعة؟ لماذا لم تكن الظهر ستًّا، والعصر ستًّا، والعشاء ستًّا مثلًا؟
نقول: هذا لا تُدركه عقولنا، وليس لنا فيه إلا مجرد التعبد.
(بسبع حصيات مُتعاقبات) معنى (مُتعاقبات)؟
طالب: وراء بعض.
الشيخ: وراء بعض، يعني واحدة بعد الأخرى، صحيح.
وقول المؤلف: (رماها) يُفهم منه أنه لو وضع الحصى وضعًا فإنه لا يُجزئه، بل لا بد من الرمي، حذف، أما لو أخذ الحصاة ووضعها هكذا؛ هذا لا ينفع.
وقوله رحمه الله: (متعاقبات) لو أنه من شدة الزحام رمى السبع جميعًا، ما لا يُجزئه؟
طلبة: واحدة.
الشيخ: واحدة فقط، تجزئه واحدة.
وقول المؤلف: (بسبع حصيات متعاقبات) ظاهره أنها مُتوالية، أو أنه لا فرق بين المتوالية والمتفرقة، فيه احتمال: أنه يجوز أن تكون متوالية، ويجوز أن تكون متفرقةً، لكنها عبادة واحدة، والأصل في العبادة الواحدة المكونة من عدد أن تكون متوالية.
يقول رحمه الله: (يرفع يده اليُمنى حتى يُرى بياضُ إبطه، ويُكبر مع كل حصاة)
علل الشارح هذا بأنه أعونُ له على الرمي، هكذا، حتى يبدو بعض إبطه؛ لأنه أعون له على الرمي.