الشيخ: الحاج، ومِنى اسم مكان معروف، وسُميت بهذا الاسم لكثرة ما يُمنى فيها من الدماء، أي: يُراق من الدماء، وهي من حيث الإعراب مصروفة، فتقول: إلى منًى؛ لأنها تنصرف.
يقول:(فإذا وصل إلى منى) وهي من وادي مُحسِّر إلى جمرة العقبة، هذا حدها شرقًا وغربًا من وادي مُحسر -الذي ذكرنا قبل قليل أنه يُسرع فيه- إلى جمرة العقبة آخر الجمرات. الوادي منها أو لا؟
طالب: لا.
الشيخ: ظاهر كلام المؤلف حسب دلالة (مِنْ) أنه منها، وليس كذلك، أما جمرة العقبة فليست منها؛ لأنه قال:(إلى جمرة العقبة)، والمعروف في معاني الحروف أن ابتداء الغاية داخل، لا انتهاؤها، لكن إذا كانت المسألة من باب الحد، فإن ابتداء الغاية وانتهاءها لا يدخلان.
فإذا قلت: لك من هذه الأرض مِن كذا إلى كذا، فالحد لا يدخل في المحدود، لا ابتداءً ولا انتهاءً، وبهذا يتقرر أن وادي مُحسر ليس من منى، وأن جمرة العقبة ليست من منى. هذا من الشرق والغرب، لكن من الشمال والجنوب كيف نحدها؟
قال العلماء: كل الجبال الكبيرة كل وجوهها التي إلى منى مِن منى، كل سُفوح الجبال ووجوهها التي تتجه إلى منى كلها من منى.
وبناء على هذا تكون منى واسعة جدًّا، وتحمل الحاج، لو أنها نُظمت تنظيمًا تامًّا مبنيًّا على العدل لوسعت الناس، لكن يحصل فيها الظلم؛ تجد بعض الناس يتخذ مكانًا واسعًا يسع أكثر من حاجته عشر مرات، أو عشرين مرة.
وهنا مشكلة في الوقت الحاضر، يقول بعض الناس: أنا لا أجد أرضًا في منى إلا بأجرة، يبذلون إلى عشرين ألفًا، ثلاثين ألفًا، سبعين ألفًا، فهل يجوز أن يستأجر أرضًا في منى؟
الجواب: نعم، يجوز، والإثم على الْمُؤَجِّر الذي أخذ المال بغير حق، أما المستأجر ماذا يصنع؟
ولهذا قال فقهاءُ الحنابلة رحمهم الله: لا يجوز تأجير بيوت مكة، ولكن إذا لم يجد بيتًا إلا بأجرة بذل الأجرة، والإثم على صاحب البيت.
وهذه المسألة تُذكر في البيوع، وليس هذا موضع ذكرها، لكن ذكرتها استطرادًا.