فعلى هذا يكون هذا التعليلُ غيرَ صحيحٍ أو كأنه مكسور.
وقال بعض العلماء: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أسرعَ لأنهم كانوا في الجاهلية يَقِفون في هذا الوادي ويذكرون أمجادَ آبائهم؛ وأباؤنا فعلوا كذا وفعلوا كذا وفعلوا كذا، فأراد النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يُخالِفهم كما خالَفَهم في الخروج من عرفة وخالَفَهم في الخروج من مزدلفة، ولعل هذا أقربُ التعاليل أنَّه فَعَل ذلك مُخالَفةً للمشركين الذين يَقِفون في هذا الوادي ليذكروا أمجادَ آبائهم، ولهذا قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}[البقرة: ٢٠٠].
ثم قال المؤلف:(أسرعَ رميةَ حَجَرٍ)(رميةَ حَجَرٍ) كيف يمكن قياسها؟
وأَخَذَ الْحَصَا -وعدَدُه سَبعونَ بينَ الحِمِّصِ والْبُنْدُقِ - فإذا وَصَلَ إلى مِنًى - وهي من وادي مُحَسِّرٍ إلى جَمرةِ العَقبةِ - رَماها بسَبْعِ حَصَيَاتٍ مُتعاقباتٍ يَرْفَعُ يَدَه حتى يُرَى بياضُ إِبِطِه ويُكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ولا يُجْزِئُ الرميُ بغيرِها، ولا بها ثانيًا، ولا يَقِفُ، ويَقْطَعُ التلبيةَ قَبْلَها، ويَرْمِي بعدَ طُلوعِ الشمسِ ويُجْزِئُ بعدَ نِصفِ الليلِ - ثم يَنْحَرُ هَدْيًا إن كان معه، ويَحْلِقُ أو يُقَصِّرُ من جميعِ شَعْرِه، وتُقَصِّرُ منه المرأةُ أَنْمُلَةً، ثم قَدْ حَلَّ له كلُّ شيءٍ إلا النساءَ، والحِلاقُ والتقصيرُ نُسُكٌ، ولا يَلْزَمُ بتأخيرِه دَمٌ، ولا بتقديمِه على الرَّمْيِ والنَّحْرِ.