المهم أن هذا جوابهم عن هذه الأدلة التي استدل بها جمهور أهل العلم، وعندي أن ردهم للاستدلال بالآية واضح، يعني أنا أوافقهم على ردهم الاستدلال بالآية الكريمة:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩].
وأما حديث عمرو بن حزم فالسند كما قالوا ضعيف، ضعيف السند، لكن من حيث قبول الناس له، واستنادهم عليه، فيما جاء فيه من أحكام الزَّكاة والدِّيَات وغيرها، وتلقِّيهم له بالقبول سلفًا وخَلَفًا يَدلُّ على أنَّ لهذا الحديث أصلًا، وهو ظاهر، وكثيرًا ما يكون قبول الناس للحديث، سواء كان عمليًّا أو علميًّا يكون قائمًا مقام السَّند أو أكثر وأعظم.
الأمة تستدل به من زمن التابعين إلى يومنا هذا، ثم نقول: هذا ليس له أصل، وهو مردود؟ هذا بعيد جدًّا.
قالوا: وإذا فرضنا أنكم قلتم بصحته بناءً على شهرته، فإن كلمة (طاهر) تحتمل أن يكون طاهر القلب من الشرك، طاهر البدن من النجاسة، طاهرًا من الحدَث الأكبر، طاهرًا من الحدث الأصغر. هذه احتمالات أربع، والدليل إذا احتمل احتمالين بطل الاستدلال، فكيف إذا احتمل أربعة؟
قالوا: إن الطاهر يُطْلَق على المؤمن؛ لقول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨]، هذا فيه إثبات النجاسة للمشرك، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ»، هذا فيه نفي النجاسة عن المؤمن، ونفي النقيض يستلزم ثبوت نقيضه؛ لأنه ما فيه إلا طهارة أو نجاسة، ما فيه حالة متوسطة.
إذن فيكون المراد بالطاهر مَن؟ المؤمن، ويكون في الحديث دليل على تحريم مَسِّ الكافر للمصحف، لا المؤمن، ويُرَاد بالطاهر الطاهر من الحدث الأصغر، ويراد به الطاهر من الحدث الأكبر، قال الله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦] هذا الحدث الأكبر، وقال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»، وهذا الحدث الأصغر.