للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ}، ويش يعني به؟ هذا القرآن اللي بأيدينا، {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ} أي: القرآن؛ لأن الآيات سِيقت للتحدث عن هذا القرآن، بدليل أنه قال: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، والْمُنَزَّل هو هذا القرآن، فعلى هذا يكون في الآية دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يمس المصحف إلا إذا كان مطَهَّرًا، والْمُطَهَّر هو الذي أتى بالوضوء والغسل من الجنابة، بدليل قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦]، فجَعَلَنَا سبحانه وتعالى بفعل الوضوء والغسل مطهَّرِين، فهذا يطابق {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}، وحينئذ يكون القرآن قد دل على ذلك.

فإن قيل: يَرِدُ على هذا الاستدلال أنَّه قال: {لاَ يَمَسُّهُ}، ولم يقل: (لا يمسَّه)، فـ (لا) هنا نافية، وليست بناهية؟

قلنا: إِنه قد يأتي الخبر بمعنى النهي، بل إِن الخبر المراد به النهي أقوى من النهي المجرَّد؛ لأنه يُصوِّر الشيءَ كأنه أمر مفروغ منه، وقد كان معلومًا أنه {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}، وليس بعيدًا عنا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٣٤]، وليس بعيدًا عن من يقرؤون الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ»، (لا يبيع) بلفظ الخبر، والمراد به النَّهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>