فخالف شيخه في هذه المسألة، ومال إلى قول ابن عباس، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يناظر على هذه المسألة، حتى يقول: أقول لكم: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟ يوشك أن تنزل عليكم حجارةٌ من السماء (٤)؛ لأن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- يريان أن الإفراد أفضل من التمتع.
واختار شيخ الإسلام في قصة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام للصحابة أن يجعلوها عمرة، وغضبه، وتحتيمه، قال: إن هذا الوجوب خاصٌّ بالصحابة رضي الله عنهم، وأما مَن بعدهم فتختلف الحال بحسب حال الإنسان، لا نقول: التمتع أفضل مطلقًا، ولا الإفراد، ولا القِرَان، انتبهوا.
شيخ الإسلام رحمه الله يقول: إنه يجب على الصحابة الذين خاطبهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعلوها عمرة، أما مَن بعدهم فلا، وله دليل سمعي ونظري؛ أما السمعي يعني الأثري، فهو أن أبا ذر -رضي الله عنه- سُئل عن المتعة، هل هي عامة أو للصحابة خاصة؟ قال: بل لنا خاصة (٥).
ويُحْمَل كلامه -رضي الله عنه- على أن الوجوب لهم خاصة، وإلا فلا يمكن أن يقول أبو ذر: لنا خاصة، والرسول عليه الصلاة والسلام سأله سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال:«بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ»(٦)، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام.
فخصوصية الحكم للصحابة إذا كان المقصود الوجوب فله وجه، أما إذا كان القصد، أو إذا كان المراد فسخ الحج مطلقًا فليس بصحيح، هذا دليل أيش؟ أثري سمعي لشيخ الإسلام ابن تيمية.
دليل نظري يقول: إن الصحابة خُوطِبوا من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة، وهذا أول شيء يقع الحِل من الحج في أشهر الحج، لو لم ينفذه الصحابة كان هذا وصمة عار للأمة، فيقال: إذا كان الصحابة رفضوا أمر الرسول مباشرة فنحن من باب أولى.