وقد حتَّم الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك، أمر أصحابه حينما أكمل السعي قال:«مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً»، وقال:«اجْعَلُوهَا عُمْرَةً»، وقال:«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ».
وراجعه الصحابة في ذلك، وقالوا: يا رسول الله، كيف نجعلها عمرة وقد سَمَّيْنَا الحج، يعني: لَبَّيْنَا بالحج، قال:«افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ»، حتى أوردوا عليه مسألةً يُسْتَحْيَا منها، لكن حملهم ما في نفوسهم على إيرادها، قالوا: يا رسول الله، نخرج إلى مِنى وذَكَرُ أحدنا يقطر مَنِيًّا؟ يعني من جماع أهله؛ لأنهم سيحلون الحل كله.
ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أبى إلَّا أن يحتم عليهم أن يجعلوها عمرة، فجعلوها عمرة (٢).
استدل الإمام أحمد رحمه الله في هذا الحديث على أن التمتع أفضل إلا مَن ساق الهدي، فإنه لا يمكن أن يتمتع؛ لأن مَن ساق الهدي لا يحل إلا يوم العيد، وحينئذٍ يتعذر التمتع.
وقول المؤلف:(أفضل الأنساك التمتع) أفادنا رحمه الله بكلمة (أفضل) أنه يجوز ما سوى التمتع، وليس التمتع بواجب، وهذا رأي جمهور أهل العلم؛ أن التمتع ليس بواجب.
وذهب بعض العلماء إلى أن التمتع واجب، وأن الإنسان إذا طاف وسعى للحج إذا لم يَسُق الهدي فإنه يحل؛ شاء أم أبى، وهذا رأي ابن عباس -رضي الله عنهما- يرى أن الإنسان إذا لم يَسُق الْهَدْي وأحرم بالحج في أشهر الحج فإنه لا يصح منه الحج، يجب أن .. أيش؟ يحل لتكون عمرة ويكون متمتعًا.
واستدل رضي الله عنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وحَتْمه على الناس وغضبه لما تراخوا وصاروا يراجعونه (٣).
وإلى هذا يميل ابن القيم -رحمه الله- فإنه في زاد المعاد مال إلى هذا الرأي، وأن التمتع واجب لمن لم .. أيش؟ لمن لم يَسُق الهدي، وذكر رأي شيخه -رحمه الله- وقال: أنا إلى قول ابن عباس أَمْيَل مني إلى قول شيخنا.