فيه مسألة: لو أن الرجل دخل في الإحرام، وقال: لبَّيْك اللهم عمرة، ولي أن أحل متى شئت، فهل يصح هذا الشرط؟
الطلبة: لا يصح.
الشيخ: ليش؟ لأنه ينافي مقتضى الإحرام، مقتضى الإحرام وجوب الْمُضِيّ في الإحرام، وأنك غير مخيَّر، فلست أنت الذي ترتب أحكام الشرع، المرتِّب لأحكام الشرع هو الله عزَّ وجل ورسوله، فإذا قلت هذا فإنه لا يصح هذا الشرط.
***
قال المؤلف:(وأفضلُ الأَنْساكِ التَّمتعُ).
قوله:(أفضلُ الأَنْساكِ)، أفادنا رحمه الله أن هناك أنساكًا متعددة؛ لأن (الأنساك) جمع، وأقل الجمع ثلاثة، فهنا أنساكٌ ثلاثة:(التمتُّع، والإفراد، والقِرَان)، وذلك لأن الإنسان إما أن يُحْرِم بالعمرة وحدها، أو بالحج وحده، أو بهما، ما فيه قسمة رابعة.
إن أحرم بالعمرة وحدها فتمتُّعٌ، لكن بالشروط التي ستُذكر، بالحج وحده فهو مُفْرِد، بهما جميعًا هو قارِن، سنذكر الشروط.
لكن أقول: وجه انحصار الأنساك في هذه الثلاثة هو هذا؛ إما أن يُحْرِم بواحد، عمرة، أو حج، أو يقرِن بينهما؛ هذه الأنساك.
ويدل لهذا – أي: لتنوع الأنساك إلى هذه الثلاثة أنواع- حديث عائشة في مسلم قالت: حَجَجْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنا مَنْ أهلَّ بحج، ومنا مَن أهلَّ بعمرة، وأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج (١). ثم فصَّلت.
قولها:(بالحج) يُحْمَل على أنه بالحج من حيث الأفعال، لا من حيث الأحكام؛ لأنه كان قارِنًا.
وقيل: أحرم بالحج أولًا ثم أردفه بالعمرة، وسنذكر هذا إن شاء الله تعالى في صفة القِرَان، وهل يصح إدخال العمرة على الحج، أو لا يصح؟
قال:(أفضل الأنساك التمتع)، ما هو الدليل؟
الدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه حين قضى من الطواف والسعي أن يَحِلُّوا ويجعلوها عمرة إلَّا مَن ساق الهدي، وكان سائقُ الهدي في تلك الحجة قليلين، هذا الدليل.