وأَفْضَلُ الأنساكِ التَّمَتُّعُ، وصِفَتُه أن يُحْرِمَ بالعُمرةِ في أَشْهُرِ الْحَجِّ ويَفْرُغَ منها ثم يُحْرِمَ بالحَجِّ في عامِه، وعلى الأفقي دمٌ،
فإن قال قائل: الحوادث الآن كثيرة، كثيرًا ما يحصل اصطدام، كثيرًا ما يحصل زحام يموت به الإنسان، أفلا يكون هذا مما يوجب مشروعية الشرط؟
قلنا: لا؛ لأنك لو أحصيت الحجيج، وأحصيت الحوادث التي تحدث لوجدت النسبة قليلة جدًّا، وليست بشيء بالنسبة لكثرة السيارات وكثرة الأوادم قليلة.
وفي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حصلت حوادث، ففي عرفة وَقَصَت ناقةٌ صاحبَها فسقط منها فمات، هذه حادثة، حادث سيارة ولَّا حادث ناقة؟ حادث ناقة ولكن يشبه حادث السيارة.
إذن فالحوادث موجودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ومع هذا لم يأمر أصحابه أن يشترطوا أمرًا عامًّا.
الخلاصة الآن في المسألة الثانية أيش؟ أنه يُسْتَحَبُّ الاشتراط لمن كان يخاف من مانع يمنعه من إتمام النُّسُك، وأما إذا كانت الأمور على طبيعتها فإنَّ السُّنَّة أن لا يشترط، وبهذا تجتمع الأدلة.
فإن قال قائل: ما فائدة هذا الاشتراط؟
قلنا: زعم بعض العلماء أنه لا فائدة منه، وإنما هو لفظٌ يُتَعَبَّدُ به فقط، وهذا القول لا شك أنه ضعيف جدًّا.
والصواب أن له فائدة، وفائدته أنه إذا وُجِدَ المانع حَلَّ من إحرامه مجانًا، ومعنى قولي:(مجانًا) أي بلا هَدْي؛ لأن مَن أُحْصِر عن إتمام النسك فإنه يلزمه هدي، لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦]، فإذا كان قد اشترط ووُجد ما يمنعه من إتمام النسك قلنا له: حُلَّ بلا شيء، مجانًا.