أما المراد به هنا فإنه نية النسك، يعني نية الدخول فيه، هذا الإحرام، يعني: ينوي أنه الآن دخل في الإحرام، لا نية أنه يعتمر، أو أنه يحج، بل نية الدخول في العمرة أو نية الدخول في الحج، وبين الأمرين فرق.
فمثلًا الآن إذا كان أحدكم يريد أن يحج هذا العام، فهل نقول: إنه بنيته هذه أحرم؟
لا؛ لأنه لم ينوِ الدخول، وكذلك نريد أن نصلي العشاء، هل نحن بنيتنا هذه دخلنا في الصلاة؟
لا، إذن نية الفعل لا تؤثر، لكن نية الدخول فيه هي التي تؤثر، ولهذا نقول: الإحرام نية الدخول في النسك، لا نية أن يحج، يعني أن ينوي الدخول في العمرة إن كان نسكه عمرة، أو في الحج إن كان نسكه حجًّا، أما من نوى أن يحج أو يعتمر فإنه لا يكون محرمًا بذلك، كالصلاة تمامًا، أنت الآن تريد أن تصلي العشاء، فهل نيتك هذه تكون تحريمًا؟ أي: يحرم عليك ما يحرم على المصلي؟
لا، متى تكون؟ إذا نويت الدخول فيها فهذا هو الذي يكون به الدخول في الصلاة.
وسميت نية الدخول في النسك إحرامًا لأنه إذا نوى الدخول في النسك حَرَّمَ على نفسه ما كان مباحًا قبل الإحرام، إذا دخل في النسك حَرَّمَ على نفسه ما كان مباحًا قبل الإحرام، فيحرم عليه مثلًا الرفث، ويحرم عليه الطيب، ويحرم عليه حلق الرأس، ويحرم عليه الصيد، بماذا؟ بالإحرام.
نية الدخول في النسك قال المؤلف:(سُنَّ لِمُرِيدِهِ غُسْلٌ).
(سُنَّ) مَنِ السَّانُّ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، والسُّنَّة في اللغة: الطريقة،
وفي الشرع: أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله وتقريراته.
وفي الاصطلاح؛ اصطلاح الأصوليين، السُّنَّة: ما أُمِرَ به لا على وجه الإلزام، يعني المسنون.
(سُنَّ لِمُرِيدِهِ) أي: لمريد الدخول في النسك.
(غُسْلٌ) يعني: يسن أن يغتسل؛ وذلك لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلًا وأمرًا.